×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 لبيانِ إمكانِ ذلك إذا قالَ السائل: الميِّتُ لا يتحرَّكُ في قبرِه والترابُ لا يتغيرُ ونحوَ ذلك، انتهى كلامُ الشيخ رحمه الله حولَ هذه المسائلِ المهمةِ التي تتعلقُ بإثباتِ عذابِ القبرِ ونعيمِه، وضرَبَ المثالَ التقريبيَّ لذلك بما يَحُسُّ به النائمُ من ألمٍ ولَذَّة، مع أننا لو كُنَّا حولَه لم نعلمْ بذلك؛ فكذلك الميِّتُ في قبرِه يمكنُ أن يُعذَّبَ أو يُنعَّمَ ولا نَحُسُّ بذلك ولا نَدري عنه، واللهُ على كلِّ شيءٍ قدير، وعقولُنا وحواسُّنا لا تَتَّسعُ لإدراكِ كلِّ شيء، قال اللهُ تعالى: {وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ إِلَّا قَلِيلٗا[الإسراء: 85]، وقال تعالى: {بَلۡ كَذَّبُواْ بِمَا لَمۡ يُحِيطُواْ بِعِلۡمِهِۦ وَلَمَّا يَأۡتِهِمۡ تَأۡوِيلُهُۥۚ[يونس: 39].

والواجِبُ على المسلمِ أن يُؤمِنَ ويُوقِنَ بما صَحَّتْ به النصوصُ سواءً اتسعَ لها عقلُه أو لم يتَّسعْ؛ فالإيمانُ بالغيبِ هو مَيْزَةُ المؤمنين الصادقين الذين أثْنى عليهم ووعدَهم جزيلَ الثَّواب، نسألُ اللهَ أن يجعلَنا منهم بمَنِّه وكرمِه.

***

امتحانُ الأطفالِ في القبر

سُئلَ شيخُ الإسلامِ ابن تَيْمِيَّةَ رحمه الله عن الأطفالِ إذا مَاتوا هل يُمتَحنَون في القَبر؟

فأجابَ بقولِه: إذا ماتَ الطفل؛ فهل يُمتحَنُ في قبرِه ويسأله مُنكَر ونَكِير؟ فيه قولان في مذهبِ أحمدَ وغيره:

أحدهما: أنه لا يُمتحَن، وأنَّ المِحنةَ إنَّما تكونُ على من كُلِّفَ في الدنيا؛ قالَه طائفة، منهم القاضي أبو يَعْلَى وابنُ عَقيل.

والثاني: أنهم يُمتحَنون، ذكرَه أبو حكيمٍ الهَمَداني وأبو الحسن بن عَبْدُوسَ، ونقلَه عن أصحابِ الشَّافعي، وعلى هذا التفصيلِ في تلقينِ


الشرح