×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

الصغيرِ والمجنون: من قال: إنَّه يُمتحَنُ في القَبر؛ لَقَّنه، ومن قال: لا يُمتحَن لا يُلقِّنُه.

روى مالكٌ وغيرُه عن أبي هريرةَ أنه صلى الله عليه وسلم صلَّى على طفلٍ فقال: «اللَّهُمَّ قِهِ عَذَابَ الْقَبْرِ وَفِتْنَةَ الْقَبْرِ» ([1])، وهذا القولُ موافِقٌ لقولِ مَن قال: إنَّهم يُمتحَنون في الآخرةِ وأنَّهم مُكلَّفون يومَ القيامة، كما هو قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ وأهلِ السُّنةِ من أهلِ الحديثِ والكلام، وهو الذي ذكرَه أبو الحسن الأشعري عن أهلِ السُّنةِ واختارَه، وهو مُقتضَى نصوصِ الإمامِ أحمد، واللهُ أعلم.

وإذا دخلَ أطفالُ المؤمنين الجنةَ فأرواحُهم وأرواحُ غيرِهم من المؤمنين في الجَنة، وإن كانت درجاتُهم مُتفاضِلة، والصِّغارُ يتفاضَلون بتفاضُلِ آبائهم وتفاضُلِ أعمالِهم إذا كانتْ لهم أعمال؛ فإنَّ إبراهيمَ ابنَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ليس هو كغيرِه، والأطفالُ الصِّغارُ يُثابون على ما يفعلُونه من الحَسَنات، وإن كان القَلَمُ مرفوعًا عنهم في السَّيئات، كما ثبتَ في «الصَّحيِح»: أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم رَفعَتْ إليه امرأةٌ صبيًّا في مِحَفَّةٍ فقالت: ألهذا حجٌّ؟ قال: «نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ» ([2]) رواه مسلم في «صحيحه».

وفي «السنن» أنه قال: «مُرُوهُمْ بِالصَّلاة لِسَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرَةٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» ([3])، وكانوا يُصوِّمون الصغارَ يومَ عاشوراء وغيرِه؛ فالصبيُّ يُثابُ على صلاتِه وصومِه وحَجِّه - وغير ذلك من أعمالِه - ويُفضل بذلك على من لمْ يعملْ كعملِه، وهذا غيرُ


الشرح

([1])أخرجه: عبد الله بن أحمد في «السنة» رقم (1419) موقوفًا.

([2])أخرجه: مسلم رقم (1336).

([3])أخرجه: أبو داود رقم (494)، والترمذي رقم (407)، وأحمد رقم (6689).