بل هذا من التأويلِ الذي لا يعلمُه إلاَّ اللهُ تبارك وتعالى،
فإذا كان هذا في هذين المخلوقين فالأمرُ بيْنَ الخالقِ والمخلوقِ أعظم، فإنَّ
مباينةَ اللهِ لخلْقِه وعظمتِه وكبريائِه وفضلِه أعظمُ وأكبرُ مما بينَ مخلوقٍ
ومخلوق.
***
تفاوُتُ ما بينَ أسماءِ
اللهِ وأسماءِ المخلوقين
لما ذكَرَ الشيخُ رحمه الله تفاوُتَ ما بينَ مُسميَات ما في
الجَنةِ ومُسمَّيَات ما في الدنيا من التفاوتِ الذي لا يعلمُه إلاَّ الله، مع
اتفاقِ الجنسين في الاسمِ والمعنى، توصَّل إلى نتيجةٍ في ذلك وهي: وُجوب تفاوُتِ
ما بيْنَ أسماءِ اللهِ وصفاتِه، وأسماءِ وصفاتِ المخلوقين في الكيفية، وإن اتفقَتْ
في الاسمِ والمعنى فقال رحمه الله: فإذا كانتْ صفاتُ ذلك المخلوقِ مع مشابهتِها
لصفاتِ هذا المخلوقِ بينهما من التفاضُلِ والتبايُنِ ما لا نعلمُه في الدنيا، ولا
يمكنُ أن نعلمَه، بل هو من التأويلِ الذي لا يعلمُه إلاَّ اللهُ تبارك وتعالى:
فصفاتُ الخالِقِ عز وجل أولى أن يكونَ بينها وبينَ صفاتِ المخلوق من التبايُنِ
الذي لا يعلمُه أحد، بل منه ما يعلمُه الراسخون في العلم، ومنه ما يعلمه الأنبياء
والملائكة، ومنه ما لا يعلمه إلاَّ الله، كما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال:
إنَّ التفسيرَ على أربعةِ أوجه: تفسيرٌ تعرفُه العربُ من كلامِها، وتفسيرٌ لا
يُعذَرُ أحدٌ بجَهَالتِه، وتفسيرٌ تعلمُه العلماء، وتفسيرٌ لا يعلمُه إلاَّ الله،
من ادَّعى علمَه فهو كاذب، ولفظُ التأويلِ في كلامِ السلفِ لا يُرادُ به إلاَّ
التفسيرُ أو الحقيقةُ الموجودةُ في الخارجِ التي يَؤولُ إليها، كما في قولِه
تعالى: {هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأۡوِيلَهُۥۚ يَوۡمَ يَأۡتِي تَأۡوِيلُهُۥ﴾[الأعراف: 53] الآية.
الصفحة 1 / 458