وأمَّا الفِتنَةُ فِي القُبُورِ فَهِي الامتِحَانُ والاختِبَارُ
للميِّتِ حِينَ يَسْأَلُه المَلَكَانِ، فَيَقُولانِ له: مَا كُنتَ تَقولُ فِي هذا
الرَّجُلِ الذي بُعِثَ فِيكُم: - مُحمد -، فَيُثَبِّتُ اللهُ الذينَ آمَنوا
بِالقَولِ الثابِتِ، فَيَقُولُ المؤمنُ: اللهُ ربِّي، والإسْلاَمُ دِيني، ومحمَّدٌ
نَبِيِّي، ويَقُولُ: هُو محمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، جاءَنَا بالبيِّنَاتِ والهُدَى
فآمَّنا بِه واتَّبعنَاهُ، فَيَنْتَهِرَانِهِ انْتِهَارَةً شَدِيدةً، وهِي آخِرُ
فتنتِه التي يُفْتَنُ بِها المُؤمِنُ، فيَقُولانِ له كمَا قَالا فِي الأوَّلِ، وقد
تَواتَرَاتِ الأحَاديثُ عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هذهِ الفِتنَةِ مِن
حَديثِ البَرَاءِ ابنِ عَازِبٍ وأَنَسِ بنِ مَالكٍ وَأَبِي هُرَيرةَ وغَيرِهِم ([1]) رضي الله عنهم وهِيَ عَامَّةٌ للمُكَلَّفينَ إلاَّ
النَّبيينَ فقدِ اخْتُلِفَ فيهم، وكَذلكَ اختُلِفَ فِي غَيرِهِم كالصِّبيانِ
والمَجَانينِ.
***
فِتنَةُ مَن حَضَرَهُ
المَوتُ
يُوضِّحُ الشيخُ رحمه الله الإجابةَ عَلَى سُؤالٍ عَرْضِ
الأَديانِ عَلَى المُحْتَضَرينَ عِندَ المَوتِ فيقَولُ وعلى هَذا فَلا يُلَقَّنُون
-يعني الأموات- بَعدَ المَوتِ، وقِيلَ: يُلَقَّنُونَ ويُفْتَنُونَ أَيْضًا، وهَذا
قَولُ أَبِي حَكيمٍ وأَبِي الْحَسَنِ بنِ عَبدُوسَ ونَقَلَهُ عن أَصْحابِه، وهُو
مُطَابقٌ لِقولِ مَن يَقُولُ: إنَّهُم يُكَلَّفُون يومَ القِيامةِ، كَمَا هُو
قَولُ أَكْثَرَ أهلِ العِلمِ وأهلِ السُّنَّةِ مِن أَهْلِ الحَدِيثِ والكَلاَمِ،
وهُو الذِي ذَكَرَهُ أبُو الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ رحمه الله عن أَهلِ السُّنَّةِ
واخْتَارَه، وهُو مقْتَضَى نُصُوصِ الإمَامِ أحمدَ.
ثم قال رحمه الله إجابةً عنِ السُّؤُالِ: عن عَمَلِ المُرتَدِّ قَبلَ الرِّدَّةِ؛ هل يُثَابُ عَليهِ؟
الصفحة 1 / 458