×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

موقف المسلم مما جرى بين علي ومُعَاوِية

 رضي الله عنهما

يتكلم الشيخ رحمه الله عن الذين أسلموا من الصَّحابَة رضي الله عنه عام الفتح، وعما جرى بين علي ومُعَاوِية رضي الله عنهما، فيقول: فالطلقاء الذين أسلموا عام الفتح، مثل مُعَاوِية وأخيه يزيد، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو.

وقد ثبت بالتواتر عند الخاصة إسلامهم وبقاؤهم على الإسلام إلى حين الموت، ومُعَاوِية أظهر إسلامًا من غيره، فإنه تولى أربعين سنة، عشرين سنة نائبًا لعمر وعُثمَان مع ما كان في خلافة علي رضي الله عنه وعشرين سنة مستوليًا، وإنه تولى سنة ستين بعد موت النَّبيّ صلى الله عليه وسلم بخمسين سنة وسلم إليه الحسن بن علي رضي الله عنهما الأمر عام أربعين، الذي يقال له: عام الجماعة، لاجتماع الكلمة وزوال الفتنة بين المسلمين.

وهذا الذي فعله الحسن رضي الله عنه مما أثنى عليه النَّبيّ صلى الله عليه وسلم كما ثبت في صَحِيح البخاري وغيره، عن أَبي بَكرة رضي الله عنه: أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَسَيُصْلِحُ اللهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» ([1]) فجعل النَّبيّ صلى الله عليه وسلم مما أثنى به على ابنه الحسن ومدحه على أن أصلح الله تعالى به بين فئتين عظيمتين من المسلمين، وذلك حين سلم الأمر إلى مُعَاوِية.

وكان قد سار كل منهما إلى الآخر بعساكر عظيمة، فلما أثني النَّبيّ صلى الله عليه وسلم على الحسن بالإصلاح وترك القتال دل على أن الإصلاح بين


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (2704).