وأيضًا يقال له: وصَفَ نفسَه بالنزولِ كوصْفِه في القرآنِ
بأنَّه خلقَ السماواتِ والأرضَ في ستةِ أيام، ثم استوى على العَرْش، وبأنَّه استوى
إلى السماءِ وهي دُخَان، وبأنَّه نادى موسى وناجَاه في البُقعةِ المُبَاركةِ من
الشجرة، والمجيءُ والإتيانُ في قولِه: {وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ
صَفّٗا صَفّٗا﴾[الفجر: 22]، وقال: {هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن تَأۡتِيَهُمُ
ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ أَوۡ يَأۡتِيَ رَبُّكَ أَوۡ يَأۡتِيَ بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَۗ﴾[الأنعام: 158].
***
رَدُّ ما نُسِبَ إلى
الإمامِ أحمدَ رحمه الله من التأويل
قال الشيخ رحمه الله في رَدِّ ما نُسِبَ إلى الإمامِ أحمدَ من
التأويل، قال: وأمَّا ما حكَاه أبو حامدٍ الغَزالي عن بعضِ الحَنْبلية: أنَّ أحمدَ
لم يتأولْ إلاَّ في ثلاثِ أشياء: «الحَجَر
الأسْود يمينُ اللهِ في الأرض»، «وقلوبُ
العِبادِ بين أُصْبُعَين من أصابِعِ الرحمن» ([1]): «وإنِّي أجدُ
نفسَ الرحمنِ من قِبل اليمن» ([2])؛ فهذه الحكايةُ كذِبٌ على أحمدَ لم ينقلْها عنه أحد
بإسناد، ولا يُعرَفُ أحدٌ من أصحابِه نَقلَ ذلك عنه، وهذا الحنبليُّ الذي ذكر عنه
أبو حامد مجهولٌ لا يعرف.
وأيضًا وقعَ النزاعُ بين أصحابِه هل اختلفَ اجتهادُه في تأويلِ المجيءِ والإتيانِ والنزولِ ونحو ذلك؟ لأن حنبلاً نُقلَ عنه في المحنةِ أنهم احتجوا عليه بقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «تجيءُ الْبَقَرَة وآلِ عِمْرَانَ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ» ([3])،
([1])أخرجه: مسلم رقم (2654).
الصفحة 1 / 458