معنى إمرار آيات الصفات كما
جاءت
يقول الشيخُ رحمه الله في بيانِ معنى قولِ السَّلفِ في نصوصِ
الصِّفات، «أمروها كما جاءتْ بلا كيْف»:
لو كان القومُ قد آمنوا باللفظِ المُجرَّدِ من غيرِ فهمٍ لمعناه
على ما يَليقُ بالله، لما قالوا: الاستواءُ غيرُ مجهول، والكيفُ غيرُ معقول، ولما
قالوا: أمروها كما جاءتْ بلا كيْف، فإنَّ الاستواءَ حينئذٍ لا يكونُ معلومًا بل
مجهولاً بمنزلةِ حروفِ المعجم.
وأيضًا فإنه لا يحتاجُ إلى نفي علم الكيفيةِ إذا لم يُفْهَمْ عن
اللفظِ معنى، وإنما يحتاجُ إلى نفي علمِ الكيفيةِ إذا أُثْبِتَتْ الصِّفات، وأيضًا
فإنَّ من يَنفي الصفاتِ الخبريةِ أو الصفاتِ مطلقًا لا يحتاجُ إلى أن يقول: بلا
كيْف، فمن قال: إنَّ اللهَ ليس على العرش، لا يحتاجُ أن يقول: بلا كيْف، فلو كان
مذهبُ السلفِ نفي الصفاتِ في نفسِ الأمرِ قالوا: بلا كيف، وأيضًا: فقولُهم: «أمروها
كما جاءتْ» يقتضي إبقاءَ دلالتِها على ما هي عليه، فإنها جاءتْ ألفاظٌ دالةٌ على
معانٍ، فلو كانتْ دلالتُها منتفية لكان الواجبُ أن يقال: أمروا لفظها مع اعتقادِ
أنَّ المفهومَ منها غيرُ مراد، أو أمروا لفظها مع اعتقادِ أنَّ اللهَ لا يُوصفُ
بما دلَّتْ عليه حقيقةً، وحينئذٍ فلا تكونُ قد أمرت كما جاءت، ولا يقال حينئذ: بلا
كيْف، إذ نفيُ الكيفِ عمَّا ليس بثابت لغو من القول.
ثم يواصِلُ الشيخُ رحمه الله المَنقولَ عن أئمةِ السلفِ في هذا الموضوعِ المُهِمِّ فيقول: ورَوَى الأثرم في «السُّنة» وأبو عبدِ اللهِ بن بطة في «الإبانة» وأبو عمرو الطلمنكي وغيرُهم بإسنادٍ صحيحٍ عن عبدِ العزيز بنِ
الصفحة 1 / 458