×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 ما يَشاءُ ويُرِيد، وأنَّ أَفعالَهُ قَدِيمَةٌ قِدَم ذَاتِه سُبحانَه، وبَاقِيَةٌ بَقاءَ ذاتِهِ، لا بِدَّايَةَ لها ولا نِهَايَةَ.

***

الرَّدُّ على الجَهمِيَّة في أَفعَالِ الله

يَرُدُّ الشَّيخُ رحمه الله على عُلَماء الكَلامِ مِن الجَهمِيَّة والمُعتَزِلَة النَّافِيَة لِقِدَم أَفعالِ الله وإِرادَتِه ومَشيئَتِه؛ لِئَلاَّ يَلزَم قِدَمُ العَالَم بِزَعمِهِم، ويُسَمُّون ذلك مَنْعَ التَّسَلسُل!

قال الشَّيخُ رحمه الله: «وهذا الأَصلُ الذي ابتَدَعه الجَهمِيَّة ومَن تَبِعَهم مِن أَهلِ الكَلامِ مِن امتِنَاعِ دَوامِ أَفعالِ الله، وهُو الَّذي بَنَوا عَلَيهِ أُصولَ دِينِهم، وجَعَلوا ذلك أَصلَ دِينِ المُسلِمين، فقَالُوا: الأَجسامُ لا تَخلُو مِن الحَوادِثِ، ومَا لا يَخلُو مِن الحَوادِث فهو حادِثٌ، أو ما لا يَسبِق الحَوادِثَ فهو حادِثٌ؛ لأنَّ ما لا يَخلُو عنها ولا يَسبِقُها يَكونُ مَعَها أو بَعدَها، وما كان مِن الحَوادِثِ أو بَعدَها فهو حادِثٌ، ولمَّا كانت حَقِيقَة هذا القَولِ أنَّ اللهَ سُبحانَه لَم يَكُن قادِرًا على الفِعْل في الأَزَل، بل صار قادِرًا بَعدَ أنْ لَم يَكُن قادِرًا عَلَيهِ كان هذا مِمَّا أَنكَرَه المُسلِمُون على هَؤُلاءِ، حتَّى إنَّه كان مِن البِدَع التي ذَكَروها؛ مِن بِدَع الأَشعَرِيِّ في الفِتنَة التي جَرَت بخُراسَانَ.

ثُم إنَّ أَهلَ الكَلامِ وأَئِمَّتَهُم كالنَّظَّام والعَلاَّف وغَيرِهم من شُيوخِ المُعتَزِلَة والجَهمِيَّة، ومَن اتَّبَعَهم مِن سَائِر الطَّوائِف يَقُولُون: إنَّ دِينَ الإِسلاَم إنَّما يقوم على هذا الأَصلِ؛ وإنَّه لا يُعرَف أنَّ مُحمَّدًا رَسُولُ الله إلاَّ بهذا الأَصلِ، فإنَّ مَعرِفَة الرَّسُولِ مُتَوقِّفَةٌ على مَعرِفَة المُرسِل، فلا بُدَّ مِن إِثبَاتِ العِلْم بالصَّانِعِ أوَّلاً، ومَعرِفَة ما يَجُوز عَلَيهِ وما


الشرح