العَظِيمِ ورَدَتْ بِمَعَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وأنه لا يَمْنَعُ
الكَلاَمَ فِي الرُّوحِ الآدَمِيَّةِ فِي حُدُودِ مَا دَلَّ عليه الكِتَابُ
والسُّنَّةُ مِن صِفَاتِهَا وتَصَرُّفَاتِهَا، وإنما المَمنُوعُ القولُ بِلا عِلمٍ
فِي الرُّوحِ وغيرِهَا، واللهُ أعَلَمُ.
***
الكَلاَمُ فِي حَقِيقَةِ
الجِنِّ
تكلَّمَ الشيخُ رحمه الله عنِ الجِنِّ مِن حَيثُ وجودُهُم
وتَكِليفُهُم وانقِسَامُهُم إلى مُطيعٍ وعَاصٍ وعَنْ جَزَائِهم، فقال رحمه الله:
وجُودُهُم ثَابتٌ بُطُرِقٍ كَثِيرَةٍ غَيرِ دَلاَلَةِ الكِتَابِ والسُّنَّةِ،
فَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَن رَآهُم، وفِيهِم مَنْ رَأَى مَنْ رَآهُم وثَبتَ ذَلك
عِندَهُ بِالخَبرِ واليَقِينِ، ومِنَ الناسِ مَن كلَّمَهُم وكلَّمُوه، ومِنَ
الناسِ مَن يَأمُرُهُم ويَنْهَاهُم ويَتَصَرَّفُ فيهِم، وهَذَا يَكُونُ
للصَّالِحِينَ وغَيرِ الصَّالِحينَ.
وقالَ إنهم مَأمُورُونَ بِالفُروعِ والأُصُولِ بِحَسْبِهِم
فإنَّهُم لَيُسوا مُمَاثِلي الإنْسِ فِي الحَدِّ والحَقِيقَةِ، لكنَّهُم
مُشَارِكُونَ للإنسِ فِي جِنسِ التَّكليفِ بالأمْرِ والنَّهيِ والتَّحليلِ
والتَّحرِيمِ، هذا مَا لَم أَعْلَمْ فِيهِ نِزَاعًا بَينَ المُسلِمِينَ.
وكَذَلِكَ لَم يَتَنَازَعُوا أنَّ أهلَ الكُفرِ والفُسوقِ والعِصيانِ مِنهم مُستَحِقُّونَ لِعَذابِ النارِ كَمَا يَدْخُلُها مِنَ الآدَمِيينَ، لكِنْ تَنَازَعُوا فِي أهلِ الإيمَانِ مِنهم، فذَهَبَ الجُمهُورُ مِن أَصْحَابِ مَالكٍ والشَّافِعِيِّ وأحمدَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمدٍ إلى أنًّهم يَدخُلُون الجنَّةَ، ورُوِيَ فِي حَديثٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ: «يَكُونُونَ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ يَرَاهُم الإنسُ مِن حيثُ لا يَرَوْنَهُم» وذَهَبَ طَائِفةٌ مِنهم أبو حَنيفَةَ فيما نُقِلَ عَنه إِلى أَنَّ المُطِيعينَ مِنهُم يَصِيرُونَ تُرَابًا كَالْبَهَائِمِ ويَكُونُ ثَوَابُهُم النجَاةُ مِنَ النَّارِ، وهل فيهم رُسُلٌ،
الصفحة 1 / 458