لأجل النسب كما نُقِل عن عطاء، وقال به الشَّافِعِيُّ ومَن
وافقه من أصحاب أحمد، وفرَّعوا على ذلك فروعًا، كمن كان أَحَدُ أَبَوَيْه كتابيًّا
والآخَرُ ليس بكتابيٍّ ونحوِ ذلك، حتى لا يُوجَدَ في كُتُب طائفةٍ من أصحاب الإمام
أحمد إلاَّ هذا القول، وهو خطأٌ على مذهبه مخالِفٌ لنُصوصِه، لم يُعَلِّق الحُكمَ
بالنَّسَب في مِثْلِ هذا ألْبَتَّةَ.
ولَفظُ المُشركِين يُذكَر مُفرَدًا في مثل قوله: {وَلَا تَنكِحُواْ ٱلۡمُشۡرِكَٰتِ حَتَّىٰ يُؤۡمِنَّۚ﴾[البقرة: 221]
وهل يتناول أهلَ الكتاب؟ فيه قولان مشهوران للسلف والخلف، والذين قالوا بأنها
تعمُّ؛ منهم مَن قال بأنها محكمة كابن عمر والجُمهُور.
***
المُقارَنة بين الكُفرِ
والشِّركِ والنِّفاقِ وأَهلِ
تِلْكَ الصِّفات
يُجْرِي الشَّيخ رحمه الله مقارنةً بين لفظ الكُفرِ والنِّفاقِ
والشِّركِ، وأهلِ الكتاب والمشركين، فيقول: فالكُفرُ إذا ذُكِر مُفرَدًا في وعيد
الآخِرَة دَخَل فيه المنافقون؛ كقوله: {وَمَن يَكۡفُرۡ بِٱلۡإِيمَٰنِ فَقَدۡ
حَبِطَ عَمَلُهُۥ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ﴾[المائدة: 5]...
وذكر نُصوصًا من القرآن تدلُّ على ذلك، ثم قال: فهذه كُلُّها يدخل فيها المُنافِقون الذين هم في الباطِن كفَّار ليس معهم من الإِيمَان شيء، كما يَدخُل فيها الكفَّار المُظهِرون للكُفرِ، بل المُنافِقون في الدَّرْك الأسفل من النار، كما أخبَرَ الله بذلك في كِتابِه، ثم يَقْرِن الكُفْرَ بالنِّفاق في مَواضِع، ففي أوَّل البَقَرة ذَكَر أربع آيات في صفة المؤمنين وآيَتَيْن في صفة الكافرين، وبِضْعَ عشرةَ آيةً في صفة المنافقين، وقال تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡكَٰفِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾[النساء: 140].
الصفحة 1 / 458