وكقولِ الجَهْمي: من قال:
إنَّ اللهَ فوقَ العرش، فقد زَعمَ أنه محصورٌ وأنه جِسمٌ مركَّبٌ محدودٌ وأنه
مشابهٌ لخلقِه، وكقولِ الجَهميَّةِ المعتزلةِ: من قال: إنَّ للهِ علمًا وقُدْرة،
فقد زعَمَ أنه جسْمٌ مركبٌّ وأنه مُشبَّه؛ لأنَّ هذه الصفاتَ أعْرَاض، والعرَض لا
يقومُ إلاَّ بجَوْهرٍ مُتَحيِّز، وكُلُّ مُتحيِّزٍ جسمٌ مركب أو جَوهرُ فرد، ومن قال
ذلك فهو مُشبِّه؛ لأنَّ الأجسامَ مُتماثِلَة، ومن حَكَى عن النَّاسِ المقالات
وسمَّاهم بهذه الأسماءِ المكذوبةِ بِناءً على عقيدتِه التي هم مُخالِفون له فيها،
فهو وربَّه، واللهُ بالمرصاد، ولا يَحيقُ المكرُ السيئُ إلاَّ بأهلِه، انتهى كلامُ
الشيخِ رحمه الله.
وأقولُ: لا يزالُ هذا الذي ذكرَه مستمرًا في الناس وهو تنقُّصُ
العلماءِ المُتَمسِّكين بمذهبِ السَّلفِ والمخالفين للانتماءاتِ المَشبوهةِ ورميهم
بعلماءِ السَّلاطينِ وعلماءِ الحيضِ والنِّفاسِ وأنهم لا يعرفون فقهَ الواقع، إلى آخِرِ
ما يقولون، وحسبُنا اللهُ ونعمَ الوكيل.
***
بيانُ أقسامِ الناسِ حيالَ
صفاتِ اللهِ عز وجل
ثم يُجمِلُ الشيخُ رحمه الله أقسامَ الناسِ في آياتِ الصِّفاتِ
وأحاديثِها فيقول وجماعُ الأمرِ أنَّ الأقسامَ المُمْكنةَ في آياتِ الصِّفاتِ
وأحاديثِها ستةُ أقسام، كلُّ قسْمٍ عليه طائفةٌ من أهلِ القِبلة، قسمان يقولان:
تجري على ظاهرِها، وقسمان يقولان: هي على خلافِ ظاهرِها، وقسمان يسكُتان.
·
أما الأولان فقسمان:
أحدهما: من يجريها على
ظاهرِها ويجعلُ ظاهرَها من جنسِ صفاتِ المخلوقين، فهؤلاء هم المُشبِّهة، ومذهبُهم
باطلٌ أنكره السَّلف، وإليهم يتوجَّه الردُّ بالحَق.
الصفحة 1 / 458