×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

بالمعادِ كالقرآن، فهذا جازَ أن تتأولَ الصفاتُ التي اتفقَ عليها الكتابان، فتأويلُ المعادِ الذي انفردَ به أحدُهما أولى، والثاني مما يعلمُ بالاضطرارِ من دينِ الرسولِ أنه باطلٌ فالأولُ أولى بالبطلان.

وأما الصِّنف الثالث وهم أهلُ التجهيلِ: فهم كثيرٌ من المنتسبين إلى السُّنة، وأتباعُ السلف يقولون: إنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم لم يعرفْ معاني ما أنزلَ اللهُ إليه من آياتِ الصفاتِ ولا جبريلَ يَعرفُ معاني الآياتِ ولا السابقون الأولون عرَفوا ذلك، وكذلك قولُهم في أحاديثِ الصِّفات: إنَّ معنَاها لا يعلمُها إلاَّ اللهُ مع أنَّ الرسولَ تكلَّمَ بها ابتداء، فعلى قولِهم تكلَّمَ بكلامٍ لا يَعرِفُ معناه!

وهؤلاء يظنون أنهم اتَّبعوا قولَه تعالى: {وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ[آل عمران: 7]؛ فإنَّه وقَفَ أكثرُ السلفِ على قولِه تعالى: {وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ[آل عمران: 7]، وهو وَقْفٌ صحيح، لكن لم يُفرِّقوا بين معني الكلامِ وتفسيرِه، وبين التأويلِ الذي انفردَ اللهُ تعالى بعلمِه، وظنُّوا أنَّ التأويلَ المذكورَ في كلامِ اللهِ - تعالى - هو التأويلُ المذكورُ في كلامِ المتأخرين وغلَطُوا في ذلك.

***

معاني التأويل

يُبَيِّنُ الشيخُ رحمه الله معنى التأويل وأي التأويل الذي لا يعلمُه إلاَّ اللهُ ليقطعَ بذلك حُجَّةَ الذين جعلوا أسماءَ اللهِ وصفاتِه مما لا يعلمُ تأويلَه إلاَّ الله، وهم الذين يُسمُّون بالمفوضة، فيقول: فإنَّ لفظَ التأويلِ يُرادُ به ثلاثُ معان:

فالتأويلُ: في اصطلاحِ كثيرٍ من المتأخرين هو: صرفُ اللفظِ عن


الشرح