ثم ساق الشيخُ رحمه الله بقيةَ كلامِ ابنِ المَاجشُون في هذا
الموضوعِ وعلَّقَ عليه بقولِه: وهذا كلامُ ابنِ المَاجشون الإمامِ فتدَبَّرْه!
وانظرْ كيفَ أثبتَ الصفاتِ ونفَى علمَ الكيفية، موافقًا لغيرِه من الأئمة، وكيفَ
أنكرَ على من نَفَي الصفاتِ بأنَّه يلْزَمُهم من إثباتِها كذا وكذا، كما تقولُه
الجَهْميَّة: إنه يلزَمُ أن يكونَ جسمًا أو عرضًا فيكون مُحدَثًا.
وبهذا القَدْرِ كفايةٌ مما نقله الشيخُ رحمه الله عن أئمةِ
الإسلامِ في إثباتِ أسماءِ اللهِ وصفاتِه على ما يَليقُ بجلالِه وعظمتِه والرَّدُّ
على من أنكرَها وإبْطَالُ شبهاتِه؛ لأنه لا يزالُ في الساحةِ اليومَ للقومِ وارثٌ
يُردِّدُ ما قالوه وينشرُ ما كتبوه، والحمدُ للهِ على وضوحِ الحقِّ وافْتِضاحِ
الباطل.
***
منهج السلف في الاعتقاد
وغيره
يُواصِلُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمه الله نقولاتِه عن
أئمةِ الإسلامِ في بيانِ منهجِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ في الاعتقادِ وغيرِه
فيقولُ: وفي كتابِ «الفقه الأكبر» المشهور عند أصحابِ أبي حنيفةَ الذي رَوَوْه
بالإسنادِ عن أبي مطيعٍ الحَكَمِ بنِ عبدِ اللهِ البَلْخِي، قال: سألتُ أبا حنيفةَ
عن الفقهِ الأكبر؟ فقال: لا تُكفِّرْ أحدًا بذنب، ولا تَنْفِ أحدًا به من الإيمان،
وتَأْمرُ بالمعروفِ وتَنْهَى عن المُنكر، وتعلم أنَّ ما أصابَك لم يَكُنْ ليُخْطِئَك
وما أخْطَأَكَ لم يكُنْ ليُصِيبك، ولا تَتَبرَّأْ من أحدٍ من أصحابِ رسولِ الله
صلى الله عليه وسلم ولا تُوَالِ أحدًا دونَ أحد، وأن تَرُدَّ أمرَ عثمانَ وعليٍّ
إلى اللهِ عز وجل.
قال أبو حنيفة: الفِقْهُ الأكبرُ في الدِّينِ خيرٌ من الفِقهِ في العلم، ولأنْ يفقهَ الرجلُ كيف يعبدُ ربَّه خيرٌ له من أنْ يجمعَ العلمَ الكثير.
الصفحة 1 / 458