×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 والتَّحقيق: أنَّه ليس بِصِلة، بل أمَرَ الله بتَسبِيحِ اسْمِه كما أمَرَ بذِكْرِ اسْمِه، والمَقصُود بتَسبيحِه وذِكْرِه هو تسبيحُ المُسمَّى وذِكْرُه؛ فإنَّ المسبِّح والذَّاكِر إنَّما يُسبِّح اسْمَه ويَذكُرُه فيقول: سبحان ربِّي الأعلى، فهو نَطَق بلَفظِ: ربي الأعلى، والمُرادُ هو المُسمَّى بهذا اللفظ، فتَسبِيحُ الاسمِ هو تَسبِيحُ المُسمَّى.

***

الرَّدُّ على مَن زَعَم أنَّ الإِمامَ أحمد يقول

 بنَفيِ الصِّفات

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عمن زعم أنَّ الإمام أحمد كان من أَعظَم النُّفاةِ للصِّفات - صفات الله تعالى -، وإنَّما الذين انتَسَبوا إليه من أتباعِه في المَذهَب، ظنُّوا أنَّه كان من أهل الإِثباتِ المُنافِي للتَّعطيلِ؛ جهلاً منهم بما جَرَى له؛ فإنَّه اتَّفَق له أمرٌ عَجِيب! وهو أنَّ ناسًا من الزَّنادِقة قد عَلِموا زُهْدَ الإمام أحمد ووَرَعَه وتَقْواه، وأنَّ الناس يَتْبَعونه فيما يَذهَب إليه، فجَمَعوا له كلامًا في الإثباتِ وعَزَوه إلى تفاسيرَ وكتبٍ وأحاديثَ، وأضافوا أيضًا إلى الصَّحابة والأَئِمَّة وغَيرِهم، حتى إليه هو شيئًا كثيرًا من ذلك على لِسَانِه، وجَعَلوا ذلك في صُندوقٍ مُقفَل وطَلَبوا من الإمام أحمد أن يَستَودِع ذلك منهم، وأَظهَروا أنَّهم على سَفَر ونحو ذلك، وأنَّهم غَرَضُهم الرُّجوعُ إليه لِيَأخُذوا تِلكَ الوَدِيعَة، وهم يعلمون أنَّه لا يتعرَّض لِمَا في الصُّندوقِ، فلم يَزَل عنده الصُّندُوق إلى أن توفَّاه الله، فدخل أتباعُه والذين أَخَذوا عنه العلم فوجدوا ذلك الصُّندوق وفَتَحوه، فوجدوا فيه تلك الأحاديثَ الموضوعةَ والتَّفاسِيرَ والنُّقولَ الدَّالَّة على الإثبات، فقالوا: لو لم يَكُن الإمام أحمد يَعتَقِد ما في هَذِه الكُتُب لَمَا أَودَعَها هذا الصُّندوق، واحتَرَز عليها! فقرءوا تلك الكتبَ وأَشهَروها


الشرح