وقال تعالى: {وَهُوَ ٱلَّذِي يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ﴾[الروم: 27] وقد بيَّنَ اللهُ على لسانِ رسولِ اللهِ صلى الله
عليه وسلم من أمْرِ الإيمانِ باللهِ واليومِ الآخر ما هَدَى اللهُ به عبادَه وكشفَ
به مرادَه، ومعلومٌ للمؤمنين أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أعلمُ من غيرِه
بذلك، وأنصحُ من غيرِه للأمةِ وأفصحُ من غيرِه وأعظم بيانًا، بل هو أعلمُ الخلْقِ
بذلك وأنصحُ الخلْقِ للأمةِ وأفصحُهم، فقد اجتمعَ في حقِّه كمالُ العِلْمِ
والقُدرةِ والإرادة، ومعلومٌ أنَّ المُتكلِّمَ أو الفاعلَ إذا كمُلَ عِلْمُه
وقدرتُه وإرادتُه كمُل كلامُه وفعلُه، وإنما يدخلُ النقصُ إمَّا في نقصِ علمِه،
وإمَّا من عجزٍ عن بيانِ علمِه، وإما لعدمِ إرادتِه البيان، والرسولُ هو الغايةُ
في كمالِ العِلمِ والغايةُ في كمالِ إرادةِ البلاغِ المبين، والغايةُ في قدرتِه
على البلاغِ المبين.
***
مناهجُ المنحرفين عن منهجِ
السَّلف
بيَّن شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمه الله طوائفَ المنحرفين عن
منهجِ السَّلف فقال: وأمَّا المنحرفون عن طريقِهم فهم ثلاثُ طوائف: أهلُ
التخْيِيل، وأهلُ التَّأْويل، وأهلُ التَّجْهيل.
فأهلُ التَّخييل: هم
المُتَفَلْسِفةُ ومَن سَلَك سبيلَهم من مُتكلِّمٍ ومُتصَوِّفٍ ومُتَفقِّه؛ فإنهم
يقولون: إن ما ذكرَه الرسولُ من أمرِ الإيمانِ باللهِ واليومِ الآخرِ إنما هو
تخييلٌ للحقائقِ لينتفعَ به الجمهور، لا أنَّه بيَّنَ به الحق، ولا هَدَى به
الخَلْق، ولا أوضحَ به الحقائق، ثم هم على قسمين: منهم من يقول: إنَّ الرسولَ لم
يعلمِ الحقائقَ على ما هي عليه! ويقولون: إنَّ من الفلاسِفَةِ الإِلهية من علِمها،
وكذلك من الأشخاصِ الذين يُسمُّونَهم الأولياءَ من عَلِمها، ويزعمون أنَّ من
الفلاسفةِ والأولياءِ من هو أعلمُ
الصفحة 1 / 458