×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

ما يفعلُ به إكرامًا لوالدَيه، كما أنَّه في النِّعمِ الدنيوية قد ينتفعُ بما يَكْسِبه وبما يُعطِيه أبواه، ويتميزُ بذلك على من ليس كذلك.

وأرواحُ المؤمنين في الجَنةِ كما جاءتْ بذلك الآثار، وهو كما قال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: «نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ تَعْلَقُ مِنَ الْجَنَّةِ» ([1])؛ أي: تأكُل، ولم يُوقَّتْ في ذلك وقتٌ قبلَ يومِ القيامة.

والأرواحُ مخلوقةٌ بلا شَك، وهي لا تَعْدَمُ ولا تَفْنَى لكنَّ مَوْتَها مفارقةُ الأبدان، وعندَ النفخةِ الثانيةِ تُعادُ الأرواحُ إلى الأبْدان، وأهلُ الجنةِ الذين يَدخُلونها على صورةِ أبيهم آدمَ عليه السلام طُولُ أحدِهم سِتُّون ذراعًا؛ كما ثبتَ ذلك في الأحاديثِ الصَّحيِحة ([2]).

وقد قال بعضُ الناس: إنَّ أطفالَ الكفارِ يكونون خَدَمَ أهلِ الجنة، ولا أصلَ لهذا القَول، وقد ثبت في «الصَّحيِح»: «أَنَّ الْجَنَّةَ يَبْقَى فِيهَا فَضْلٌ عَنْ أَهْلِ الدُّنْيَا؛ فَيُنْشِئُ اللهُ لَهَا خَلْقًا آخَرَ فَيُسْكِنُهُمُ الْجَنَّةَ» ([3])؛ فإذا كان يُسكِن مَن يُنشِئه من الجنةِ من غيرِ ولدِ آدمَ في فُضُولِ الجنة؛ فكيفَ بمَن دخَلَها من ولدِ آدمَ وأُسكِنَ في غيرِ فضولِها؟! فليسوا أحقَّ بأن يكونوا من أهلِ الجنةِ ممَّن ينشأُ بعد ذلك فيَسكُن فضولَها.

وأما الوَرْد المذكورُ في قولِه تعالى: {وَإِن مِّنكُمۡ إِلَّا وَارِدُهَاۚ[مريم: 71]؛ فقد فسَّره النَّبيّ صلى الله عليه وسلم في الحديثِ الصَّحيِح؛ رواه مسلم في «صحيحه» عن جابر: بأنه المُرورُ على الصِّراط ([4]) - والصراط: الجِسْر - فلا بُدَّ من المرورِ عليه لكلِّ مَن يدخُل الجنة، من كان صغيرًا


الشرح

([1])أخرجه: النسائي رقم (2073)، وابن ماجه رقم (4271)، وأحمد رقم (15777).

([2])أخرجه: البخاري رقم (3327)، ومسلم رقم (2834).

([3])أخرجه: البخاري رقم (7384)، ومسلم رقم (2848).

([4])انظر: مسلم رقم (2496).