فيها أجر، قال: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ
أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلاَلِ كَانَ
لَهُ أَجْرًا» ([1]).
وهذا كقَولِه في حديث ابن عمر عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم
قال: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ يُؤْخَذَ
بِرُخَصِهِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ» ([2])، رواه أحمدُ وابن خُزَيمة في «صحيحه» وغيرُهما.
فأخبَرَ أن الله يحب إتيان رخصه كما يكره فعل معصيته، وبعض
الفقهاء يرويه: «كَمَا يُحِبُّ أَنْ
تُؤْتَى عَزَائِمُهُ» ([3])، وليس هذا لفظ الحديث.
وذلك لأنَّ الرُّخَص إنَّما أباحها الله لحاجَةِ العباد إليها،
والمُؤمِنون يستعينون بها على عبادَتِه فهو يُحِبُّ الأَخْذَ بها؛ لأنَّ الكريم
يُحِبُّ قَبولَ إحسانه وفَضلِه، كما قال في حديث القَصْرِ: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ»
([4]).
ولأنه بها تتم عبادَتُه وطاعَتُه وما لا يحتاج إليه الإنسان من
قول وعمل، بل يفعله عبثًا فهذا عَلَيه لا له كما في الحديث: «كلُّ كَلاَمُ ابْنِ آدَمَ كُلُّهُ عَلَيْهِ لاَ لَهُ إلاَّ أَمْرًا
بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ، أَوْ ذِكْرًا لِلهِ» ([5]).
وفي «الصحيحين» عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» ([6]) فأمَرَ المُؤمِنَ بأحَدِ أَمرَيْن:
([1])أخرجه: مسلم رقم (1006).