وأقولُ: سبحان الله ومثلاً هؤلاء في وقتِنا الحاضِرِ الذين
يُحَكِّمون القوانينَ الوضعية، ويتركون الشريعةَ الربَّانيةَ التي فيها صلاحُ
الناس، ويقولون: نريدُ مسايرةَ الوقتِ والتطور، مع ادِّعائِهم الإسلامَ والإيمانَ
بالقرآن! هكذا لكلِّ قومٍ واري.
ثم يُبيِّنُ الشيخُ رحمه الله مصدَرَ قواعدِ المتكلمين التي
اتخذُوها تشريعًا يُقدِّمونه علي النُّصوص، فيقول: ثم عامةُ هذه الشبهاتِ التي
يُسمُّونها دلائلَ إنما تلقَّوا أكثرَها عن طاغوتٍ من طواغيتِ المشركين أو
الصابئين، أو بعضِ ورثتِهم الذين أُمِروا أنْ يكفروا بهم، مثل فلان وفلان أو عمَّن
قال كقولِهم لتشابه قلوبهم قال اللهُ تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ
حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ
حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا﴾[النساء: 65] {كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّۧنَ
مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِيَحۡكُمَ
بَيۡنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ﴾[البقرة: 213] الآية.
ولازمُ هذه المقالةِ أن لا يكونَ الكتابُ هديً للناسِ ولا شفاءً
لما في الصدور، ولا نورًا ولا مردًا عند التنازع؛ لأنَّا نعلمُ بالاضطرارِ أن ما
يقولُه هؤلاء المتكلفون إنَّه الحقُّ الذي يجِبُ اعتقادُه لم يدلْ عليه الكتابُ
والسنةُ لا نصًا ولا ظاهرًا، وإنما غايةُ المُتَحذلقِ أنْ يستنتجَ هذا من قولِه
تعالى: {وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ﴾[الإخلاص: 4]، {هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا﴾[مريم: 65]، وبالاضطرارِ يَعلمُ كلُّ عاقلٍ أنَّ من دلَّ الخلقَ
علي أنَّ اللهَ ليس علي العرشِ ولا فوقَ السماواتِ ونحو ذلك بقوله: {هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا﴾[مريم: 65]، لعد أبعد النجعة وهو
إما مُلْغِز أو مُدَلِّس لم يُخاطبْهم بلسانٍ عربيٍّ مبين، ولازمُ هذه المقالةِ أن
يكونَ تركُ الناسِ بلا