رسالةٍ خيرًا له في أصلِ دينِهم؛ لأنَّ مرادهم قبلَ الرسالةِ
وبعدَها واحد، وإنما الرسالةُ زادتْهم عميً وضلالة! يا سبحان الله كيفَ لم يقل
الرسول يومًا من الدهرِ ولا أحد من سلفِ الأمة: هذه الآيات والأحاديث لم تعتقدوا
ما دلَّتْ عليه ولكنِ اعتقدوا الذي تَقتضيه مقاييسُكم، واعتقدوا كذا وكذا، فإنَّه
الحقُّ وما خالف ظاهره! فلا تعتقدوا ظاهرَه! أو انظروا فيها فما وَافَق قياسَ
عقولِكم فاقبلوه وما لا فتَوَقَّفوا فيه أو انفوه!!
ثم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قد أخبرَ «أنَّ أمتَه سَتَفترِقُ على ثلاثٍ وسبعين
فرقةٍ» ([1]) فقد علِم ما سيكونُ ثم قال: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا
بَعْدِي: كِتَابُ اللهِ» ([2])، ورُوِى عنه أنه قالَ في صفةِ الفرقةِ الناجية: «هم من كان عَلَى مِثْلِ ما أنا عَلَيْه
اليَومَ وأصْحَابِي» ([3])؛ فهَلاَّ قال: من تَمَسَّكَ بالقرآنِ أو بدلالةِ القرآنِ
أو بمفهومِ القرآنِ أو بظاهرِ القرآنِ في بابِ الاعتقاداتِ فهو ضال؟! وإنما الهدى
رجوعُكم إلى مقاييسِ عقولِكم وما يحدثه المتكلمون منكم بعد القرونِ الثلاثةِ في
هذه المقالة!! وإن كان قد نبغَ أصلُها في أواخرِ عصرِ التابعين.
ثم أصلُ هذه المقالةِ - مقالةِ التعطيلِ للصفاتِ - إنما هو مأخوذٌ عن تلامذةِ اليهودِ والمشركين وضلالِ الصابئين؛ فإنَّ أولَ من حفظَ عنه أنه قال هذه المقالةَ في الإسلام - أعني أنَّ اللهَ ليس على العرشِ
([1])أخرجه: الترمذي رقم (2641)، والنسائي في «الكبرى» رقم (3987)، وأحمد رقم (11561)