رد عليهم الشيخ بإِبطالِ القول بالمجـَاز في لغة العرب في كلامٍ
طويلٍ سُقنا طرفًا منه.
ثم يعود الشيخ إِلى المنَاقشة مع المُرجئة في هذا الموضوع،
فيقول:
أَخطأَ المرجئةُ في اسم الإِيمَان، جعلوا لفظ الإِيمَان في مجرد
التصديق وتناوله للأَعمال مجازًا، فيقال: إِن لم يصح التَّقسيم إِلى حقيقةٍ ومجازٍ
فلا حاجة إِلى هذا، وإِن صح فهذا لا ينفعكم بل هو عليكم؛ لأَن الحقيقَة هي اللفظُ
الذي يدل بإِطلاقه بلا قرينة، والـمجاز إِنَّما يدل بقرينة، وقد تبين أَن لفظَ الإِيمَان
حيث أطلق في الكتاب والسُّنَّة دخلت فيه الأَعمال، وإِنَّما يدعى خروجها منه عند
التقييد، وهذا يدل على أَنَّ الحقيقة في قوله صلى الله عليه وسلم: «الإِْيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً»
([1]).
وأما حديث جبريلَ ([2]) فإِن كان أَراد بالإِيمَان ما ذكر مع الإِسلام فهو كَذلِكَ، وهذا المعنى هو الذي أَراد النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قطعًا كما أَنه لما ذكر الإِحسان مع الإِيمَان والإِسلام، لم يرد أَن الإِحسان مجردٌ عن إِيمَان وإِسلام، ولو قدر أَنه أريد بلفظ الإِيمَان مجرد التَّصديق فلم يقع ذلك إلاَّ مع قرينة؛ فيلزم أَن يكون مجازًا، وهذا معلومٌ بالضَّرورةِ لا يمكننا المنَازعة فيه بعد تدبُّر القرآن والحديث، بخلاف كونِ لفظِ الإِيمَان في اللُّغة مرادفًا للتَّصديق؛ ودعوى أَن الشَّارع لم يغيرْه ولم ينقِلْه، بل أَراد به ما كان يريده أَهل اللُّغة بلا تخصيصٍ ولا تقييدٍ، فإنَّ هاتين المقدمتين لا يمكن الجزم بواحدةٍ منهما؛ فلا يعارض اليقين، كيف وقد عرف فساد كل واحدةٍ من المقدمَتين، وأَنَّها من أفسد الكلام؟ وأيضًا فليس
([1])أخرجه: البخاري رقم (9)، ومسلم رقم (35).