لفظ الإِيمَان في دلالتِه على الأَعمال المَأْمور بها بدون لفظِ
الصَّلاة والصِّيام والزَّكاة والحج الشَّرعي، سواءٌ قيل: إنَّ الشارع نقلَه أَو
أَراد الحكم دون الاسم، أَو أَراد الاسم وتصرَّف فيه تصرف أَهل العُرف، أَو خاطب
بالاسم مقيَّدًا لا مطلقًا.
إِلى أَن قال الشيخ: «وقد عدلت المرجئة في هذا الأَصل عن بيان الكتاب والسُّنَّة وأَقوال الصَّحابة والتَّابعين لهم بإِحسان، واعتمدوا على رأْيهم وعلى ما تَأوَّلوه بفهمِهم اللغة، وهذه طريقةُ أهلِ البدع، ولهذا كان الإِمامُ أَحمد يقول: أَكثر ما يخطئ النَّاس من جهة التَّأْويل والقيَاس، ولهذا تجد المُعتَزِلَة والمرجئة والرَّافضة وغيرهم مِن أَهل البدع يفسِّرون القرآن برأْيهم ومعقولِهم، وما تأوَّلوه من اللغة، ولهذا تجدهم لا يعتمدون على أحَاديث الرَّسول صلى الله عليه وسلم والصَّحابة والتَّابعين وأَئمَّة المسلمين، فلا يعتمدون لا على السُّنَّة ولا على إجمَاع السَّلَف وآثارِهم، وإنَّما يعتمدون على العقل واللُّغة، وتجدهم لا يعتمدون على كتب التَّفسير المأْثورةِ والحديث وآثار السَّلَف، وإِنَّما يعتمدون على كتب الأَدب وكتب الكلام التي وضعتْها رُءُوسُهم، وهذه طريقة الملاحدة أيضًا إنما يأخذون ما في كتب الفلسَفة وكتب الأَدب واللغة، وأَما كتب القرآنِ والحديثِ والآثار فلا يلتفتون إِليها، هَؤُلاءِ يُعرِضون عن نصوص الأَنبيَاء إذ هي عندهم لا تفيد اليقين، وأُولَئِك يتأوَّلون القرآن برأْيهم وفهمِهم بلا آثار عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحَابه، وقد ذكرنا كلام أحمَد وغيره في إنكار هذا، وجعله طريقةَ أهل البدع، وإذا تدبرت حججَهم وجدتَ دعاوى لا عليها دليلٌ»، انتهى كلام الشيخ رحمه الله.