وأقول: سبحان الله! ما أشبه الليلةَ بالبارحة فمُعتَزِلَة اليوم على طريقة
مُعتَزِلَة الأَمس، وما عَلَيهِ الكثير من الجمَاعات اليوم والأَحزاب المنتسبةِ
إلى الإِسلام هو ما عَلَيهِ الجماعات المخالفةُ لأهلِ السُّنَّة بالأَمس؛ يعتمدون
على مخطَّطاتهم ومناهجِهم التي وضعها لهم رؤسَاؤهم، ويعتمدون على عقولِهم
وأفهامِهم ولا يلتفتون إلى الكتاب والسُّنَّة وما عَلَيهِ سلف الأُمَّة إذا خالف
أَهواءهم، بل يطعنون في الأحاديث - ولو كانت صحيحةً متفقًا على صحتها - إذا خالفت
آراءهم ومناهجهم.
ويُسمون كتب العلوم الشَّرعيةِ بالكتب الصَّفراء، كنايةً عن
أنها قديمةٌ لا تصلح، ويعتمدون على الكتب العصريةِ الخَالية من العلم، ويسمونها «كتب
الفَكر»، إِن هَؤُلاءِ الضُّلاَّل المعَاصرين هم ورثة الضَّلال القدمَاء، تشابهت
قلوبهم فتشابهت أقوالُهم ومناهجُهم، وكما ذكر الشيخ يفسرون القرآنَ والحديث
برأيهم، ولا يعتمدون على كلام السَّلَف وتفاسير السَّلَف؛ لأنهم كما يقولون:
يريدون التَّجديد والتَّخلص من القديم؛ لأَنه - بزعمهم - لم يعد كافيًا لمواجهة
تحدِّيات العصر - كما يقولون -.
ومنهم من يفسر القرآن والسُّنَّة بنظريات الأطبَّاء والفلاسفة المعَاصرين، ويسمون ذلك بـ «التَّفسير العِلْمي»، وكأنَّهم بهذا يريدون قطْع الصِّلة بين خلف هَذِه الأمَّة وسلفِها، بل ويقطعون صلتها بعلوم السَّلَف ومعارفِهم التي بنوها على الكتاب والسُّنَّة، ولكن مع هذا فأهل الحقِّ وأهل السُّنَّة والجماعة ثابتون على كتاب ربهم وسُنة نبيهم ومنهج سلفِهم: «لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ عز وجل، وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ» ([1])؛ كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم والحمد الله رب العالمين.
([1])أخرجه: البخاري رقم (3442)، ومسلم رقم (1037).