مُقتضاها من معناها،
فيختلفُ باختلافِ المواضِع، فلفظُ المعيَّةِ قد استُعمِلَ في الكتابِ والسُّنةِ في
مواضعٍ يَقتضي في كُلِّ موضعٍ أمورًا لا يَقتضيها في الموضِعِ الآخر، فأمَّا أن
تَختلِف دِلالتُها بحسْبِ المَوَاضع، أو تدُلُّ على قدْرٍ مُشتَرك في جميع
مواردِها، وإن امتازَ كلُّ موضعٍ بخاصية، فعلى التقديرين ليس مقتضاها أن تكونَ
ذاتُ الرَّبِّ عز وجل مُختلِطةً بالخلْقِ حتى يقال: صرف عن ظَاهرِها.
ونظيرُها من بعضِ الوُجوه: الربوبية والعبودية فإنهما وإن اشتركا في لفظِ الرُّبوبيةِ
والعبوديةِ فلمَّا قال: {قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ
١٢١ رَبِّ مُوسَىٰ وَهَٰرُونَ ١٢٢﴾[الأعراف: 121- 122]، كانت ربوبيةُ موسى وهارون لها اختصاصٌ
زائدٌ على الربوبيةِ العامةِ للخلْق، فإنَّ مَن أعطاه اللهُ الكمالَ أكثرُ مما
أعطى غيرَه فقد ربه وربَّاه ربوبية وتربية أكمل من غيره، وكذلك قوله: {عَيۡنٗا يَشۡرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفۡجِيرٗا﴾[الإنسان: 6] و {سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ
لَيۡلٗا﴾[الإسراء: 1] فإنَّ العبدَ تارة يعني به المعبد فيعُمُّ
جميعَ الخلْقِ كما في قولِه: {إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ
إِلَّآ ءَاتِي ٱلرَّحۡمَٰنِ عَبۡدٗا﴾[مريم: 93]، وتارةً يعني به
العباد فيَخُص، ثم يختلفون، فمن كان أعبدَ علمًا وحالاً كانت عبوديته أكمل، فكانتِ
الإضافةُ في حقِّه أكملَ مع أنَّها حقيقةٌ في جميعِ المواضِع، مثل هذه الألفاظ
يُسمِّيها بعضُ الناسِ مشككة لتشكك المُستمعُ فيها هلْ هي مِن قَبيلِ الأسماءِ
المُتَواطِئةِ أو من قبيلِ المُشتركةِ في اللفظِ فقط؟
والمحققون يعلمون أنها ليست خارجةً عن جنْسِ المُتَواطئة، إذ
أنن واضع اللغة إنما وضعَ اللفظ بإِزاءِ القدْرِ المشتَرَك، وإن كانت نوعًا
مُخْتصًا من المُتَواطئة فلا بأْسَ بتخصيصِها بلفظ، ومن علِم أنَّ المعيَّةَ