×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

وَالْهُدَى فَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ» ([1])، وهذا تأويلُ قولِه تعالى: {يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّٰلِمِينَۚ وَيَفۡعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ[إبراهيم: 27]، وقد صَحَّ عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنها نزلتْ في عذابِ القبر ([2])، وكذلك يتكلَّمُ المنافق، فيقول: هَاهْ، هَاهْ، لا أدري، سمعتُ الناسَ يقولون شيئًا فقلْتُه؛ فيُضرَبُ بمِرْزَبَّةٍ من حديدٍ فيصيحُ صيحةً يسمعُها كلُّ شيءٍ إلاَّ الإنسان، وثبتَ عنه في «الصَّحيِح» أنه قال: «وَلَوْلاَ أَنْ لاَ تَدَافَنُوا، لَسَأَلْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ عَذَابَ الْقَبْرِ مِثْلَ مَا أَسْمَعُ» ([3])، وثبتَ عنه في «الصَّحيِح»: أَنَّهُ نَادَى الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ لَمَّا أَلْقَاهُمْ فِي الْقَلِيبِ، وقال: «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ» ([4])، والآثارُ في هذا كثيرةٌ منتشرة، واللهُ أعلم.

وسُئل رحمه الله عن سؤال مُنْكَرٍ ونَكِير ([5])للميتِ إذا مات، تَدخلُ الروحُ في جسدِه ويَجلسُ ويُجاوِبُ مُنكَرًا ونَكِيرًا؛ فيحتاجُ مَوتًا ثانيًا؟

فأجاب: عَوْدُ الرُّوحِ إلى بدنِ الميتِ في القبرِ ليس مثلَ عودِها إليه في هذه الحياةِ الدنيا، وإن كان ذلك قد يكونُ أكملَ من بعضِ الوُجوه، كما أنَّ النشأةَ الأُخرى ليستْ مثلَ هذه النشأةِ وإن كانتْ أكملَ منها، بل كلُّ موطنٍ في هذه الدارِ وفي البَرْزَخِ والقيامةِ له حُكمٌ يخصُّه، ولهذا أخبرَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنَّ الميَّتَ يُوَسَّعُ له في قبرِه ويُسألُ، ونحوُ ذلك ([6])،


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1369)، ومسلم رقم (2871).

([2])أخرجه: البخاري رقم (4699)، ومسلم رقم (2871).

([3])أخرجه: مسلم رقم (2867).

([4])أخرجه: البخاري رقم (3976)، ومسلم رقم (2875).

([5])أخرجه: الترمذي رقم (1071)، وابن حبان رقم (3117)، والبزار رقم (8462).

([6])أخرجه: أبو داود رقم (4753)، وأحمد رقم (18534)، والحاكم رقم (107).