ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُمۡ﴾[محمد: 16]، فمن جعلَ السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار
والتابعين لهم بإحسانٍ غيرَ عالِمين بمعاني القرآنِ جعَلَهم بمنزلةِ الكفارِ
والمنافقين فيما ذمَّهم اللهُ تعالى عليه.
الوجه السادس: أنَّ
الصحابةَ رضي الله عنهم فسَّروا للتابعين القرآنَ كما قال مُجاهد: عرَضْتُ المصحفَ
على ابنِ عباسٍ من أوَّلِه إلى آخرِه، أُوقِفُه عند كلِّ آيةٍ منه وأسألُه عنها.
ولهذا قال سفيانُ الثوري: إذا جاءك التفسيرُ عن مجاهدٍ فحسْبُك
به، وكان ابنُ مسعودٍ يقول: لو أعلَمُ أحدًا أعلمَ بكتابِ اللهِ مني تبلُغُه
الإبلُ لآتيَته، وكلُّ واحدٍ من أصحابِ ابنِ مسعود وابنِ عباس نُقلَ عنه التفسيرُ ما
لا يُحصيه إلاَّ الله.
والنُّقولُ بذلك عن الصحابةِ والتابعين ثابتةٌ معروفةٌ عندَ
أهلِ العلمِ بها، فإنْ قالَ قائل: قد اختلفوا في التفسيرِ اختلافًا كثيرًا ولو كان
ذلك معلومًا عندهم عن الرسولِ صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا فيه، فيقال:
الاختلافُ الثابتُ عن الصحابة، بل وعن أئمةِ التابعين في القرآنِ أكثره لا يَخرُجُ
عن وجوه:
أحدها: أنْ يعبِّرُ كلٌّ منهم عن معنى الاسمِ بعبارةٍ غيرِ عبارةِ صاحبِه، فالمُسَمَّى واحد، وكلُّ اسمٍ يدُلُّ على معنى لا يدُلُّ عليه الاسمُ الآخرُ مع أنَّ كِلاهما حق، بمنزلةِ تسميةِ اللهِ تعالى بأسمائِه الحسنى، وتسميةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم بأسمائِه، وتسميةِ القرآنِ العزيزِ بأسمائِه فقال تعالى: {قُلِ ٱدۡعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدۡعُواْ ٱلرَّحۡمَٰنَۖ أَيّٗا مَّا تَدۡعُواْ فَلَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ﴾[الإسراء: 110]، فإذا قيل: الرحمنُ الرحيمُ الملِكُ القدوسُ السلام فهي كلُّها أسماءٌ لمُسَمى واحدٍ سبحانه وتعالى، وإن كان كلُّ اسمٍ يدُلُّ على نعتٍ للهِ تعالى لا يدُلُّ عليه