×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

الاسمُ الآخر، ومثالُ هذا التفسير: كلامُ العلماءِ في تفسيرِ الصراطِ المستقيم، فهذا يقول: هو الإسلام، وهذا يقول: هو القرآنُ أي اتباعُ القرآن، وهذا يقولُ السُّنةُ والجَمَاعة، وهذا يقول: طريقُ العبودية، وهذا يقولُ طاعةُ اللهِ ورسولِه.

ومعلومٌ أنَّ الصراطَ يُوصَفُ بهذه الصفاتِ كلِّها ويُسمَّى بهذه الأسماءِ كلِّها، ولكن كل واحد منهم دلَّ المخاطبَ على النعتِ الذي يعرِفُ الصراطَ وينتفعُ بمعرفةِ ذلك النعت.

الوجه الثاني: أن يذكرَ كلًّ منهم من تفسيرِ الاسمِ بعضَ أنواعِه أو أعيانِه على سبيلِ التمثيلِ للمخاطب لا على سبيلِ الحصر والإحاطة، كما لو سألَ أعجميٌّ عن معنى لفظِ الخُبزِ فأُرِي رغيفًا، وقيل: هذا هو، فذاك مثالُ للخبز وإشارةٌ إلى جنسِه لا إلى ذلكَ الرغيفِ خاصة، ومن هذا ما جاء عنهم في قولِه تعالى: {فَمِنۡهُمۡ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ وَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدٞ وَمِنۡهُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَيۡرَٰتِ[فاطر: 32]؛ فالقولُ الجامعُ للظالمِ لنفسِه، هو المُفرِّطُ بتركِ مأْمورٍ أو فعلِ محظور، والمُقتَصِد: القائمُ بأداءِ الواجباتِ وتركِ المحرمات، والسَّابقُ بالخيراتِ بمنزلَةِ المُقَرِّب الذي يتقرَّبُ إلى اللهِ بالنَّوافلِ بعدَ الفرائضِ حتى يُحبَّه الحق، ثم إنَّ كلًّا منهم يَذكُرُ نوعًا من هذا، فإذا قالَ القائلُ: الظالم: المُؤَخِّرُ للصَّلاةِ عن وقتِها، والمُقتصد: المُصلِّى لها في وقتِها، والسَّابق: المُصَلِّي لها في أوَّلِ وقتِها بحيثْ يكونُ التقديمُ أفضل.

وقال آخر: الظالمُ لنفسِه: هو البخيلُ الذي لا يصِلُ رحمَه ولا يُؤدِّي زكاةَ مالِه، والمُقتَصد: القائمُ بما يجِبُ عليه من الزكاةِ وصلةِ الرَّحمِ وقِرَى الضَّيفِ والإعْطاءِ في النَّائبة، والسابق: الفاعلُ المُستَحَبَّ بعدَ 


الشرح