×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

معتد، وقد ثبتَ في الصَّحيِح عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فِرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ» ([1])، وقد ثبتَ عنْه في الصَّحيِح أنه قال عن الحَسن: «إِنَّ ابْني هَذَا سَيِّدٌ وَسَيُصْلِحُ اللهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِين» ([2])، وفي الصَّحيِحين، عن عمَّار أنه قال: «تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ البَاغِيَة» ([3])، وقد قال تعالى في القرآن: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَآءَتۡ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ[الحجرات: 9] فثبت بالكتاب والسنة وإجماع السلف على أنهم مؤمنون مسلمون، وأن علي بن أبي طالب والذين معه كانوا أولى بالحق من الطائفة المقاتلة له، وقال رحمه الله وما ينبغي أن يُعلمَ أنه وإن كان المختارُ الإمساكَ عمَّا شَجَر بينَ الصَّحابَة والاستغفارِ للطائفتين جميعًا وموالاتهم، فليسَ من الواجبِ اعتقادُ أنَّ كلَّ واحدٍ من العسكرِ لم يكن إلاَّ مجتهدًا متأولاً، بل فيهم المذنِبُ والمُسيء وفيهم المُقصِّر في الاجتهادِ لنوع من الهَوى، لكن إذا كانتِ السيئةُ في حسناتٍ كثيرة كانت مرجوحة مغفورة، وأهلُ السُّنة تُحسِنُ القولَ فيهم وتترَحَّم عليهم وتستغفرُ لهم، لكن لا يعتقدون العصمةَ من الإقرارِ على الذنوب، وعلى الخطأِ في الاجتهادِ إلاَّ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم ومن سواه فيجوزُ عليه الإقرارُ على الذنوبِ والخطأ، لكن هم كما قال الله تعالى: {أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنۡهُمۡ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّ‍َٔاتِهِمۡ[الأحقاف: 16] الآية، وفضائل الأعمال


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (1065).

([2])أخرجه: البخاري رقم (2704).

([3])أخرجه: البخاري رقم (436)، ومسلم رقم (2915).