فأمر بالتأسي بإبراهيم والذين
معه، إلاَّ في وَعْد إبراهيم لأبيه بالاستغفار، وأخبر أنه لما تبين له أنه عدو لله
تبرأ منه، والله أعلم.
وسُئل رحمه الله عن الخضر وإلياس؛ هل هما مُعَمِّران؟
فأجاب: إنهما ليسا من الأحياء ولا معمران، وقد سأل إبراهيم
الحَرْبي أحمد بن حنبل عن تعمير الخضر وإلياس، وأنهما باقيان يريان ويُروى عنهما؟
فقال الإمام أحمد: من أحال على غائب لم يُنْصَف منه، وما ألقى هذا إلاَّ شيطان،
وسُئل البخاري عن الخضر وإلياس: هل هما في الأحياء؟ فقال: كيف يكون هذا؛ وقد قال
النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: «لا يبقى
على رأس مائة سنة مِمَّنْ هُوَ عَلَى وَجْهِ الأَْرْضِ أَحَدٌ؟» ([1]).
وقال أبو الفَرَج ابن الجَوْزِي: قوله تعالى: {وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ﴾[الأنبياء: 34] وليس هما في الأحياء، والله أعلم، انتهى كلام
الشيخ رحمه الله.
وأقول: بهذا الجواب الواضح يَبْطُل ما نُسب إلى الشيخ في هذه
المسألة مما يخالفهما من أن الخضر حي الآن؛ فإما أن يكون ذلك ليس من كلام الشيخ، أو
يكون قد تراجع عنه، وتبين له أن الخضر ميت.
وعلى كل حال فالحق ما قامت عليه الأدلة، وقد قامت الأدلة على موت الخضر كغيره من البشر، وقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ﴾[الأنبياء: 34]، والقول باستمرار حياة الخضر لم يقم عليه دليل صحيح؛ فالواجب الأخذ بما دل عليه الدليل الصَّحيِح من موت الخضر كغيره من البشر حتى لا يتعلق بذلك المخرفون والهارفون بما لا يعرفون؛ من أجل إفساد عقائد الناس، وتركهم الأدلة الصَّحيِحة
([1])أخرجه: البخاري رقم (116)، ومسلم رقم (2537).
الصفحة 5 / 458