ثم بيَّنَ الشيخُ رحمه الله القاعدةَ الصحيحةَ التي يجِبُ
اتِّباعُها في أسماءِ اللهِ وصفاتِه فقال: ثم القولُ الشاملُ في جميعِ هذا الباب: أن
يُوصَفَ اللهُ بما وصفَ به نفسَه أو وصَفَه به رسولُه، وبما وصَفَه به
السابقون الأوَّلون لا يتجاوزُ القرآن والسُّنة والحديث، قال الإمامُ أحمدُ رضي
الله عنه لا يوصَفُ اللهُ إلاَّ بما وصَفَ به نفسَه أو وصَفَه به رسولُه صلى الله
عليه وسلم لا يتجاوز القرآن والحديث، ومذهبُ السَّلفِ أنهم يصفون اللهَ بما وصفَ
به نفسَه، وبما وصَفَه به رسولُه من غيرِ تحريفٍ ولا تعطيل، ومن غيرِ تكييفٍ ولا
تمثيلٍ، ونعلمُ أنَّ ما وصَفَ اللهُ به من ذلك فهو حقٌّ ليسَ فيه لُغزٌ ولا
أَحَاجي، بل معناه يُعرَفُ من حيث يُعرَفُ مقصودُ المتكلمِ بكلامِه، لا سيَّمَا
إذا كان المتكلمُ أعلمَ الخلْقِ بما يقول، وأفصحَ الخلْقِ في بيانِ العلم، وأفصحَ
الخلْقِ في البيانِ والتعريفِ والدِّلالةِ والإرشاد، وهو سبحانه مع ذلك ليس كمثلِه
شيءٌ لا في نفسِه المقدسةِ المذكورةِ بأسمائِه وصفاتِه ولا في أفعالِه، فكما
نتيقنُ أنَّ اللهَ سبحانه له ذاتٌ حقيقةٌ وله أفعال حقيقة؛ فإنه سبحانه مستَحِقٌّ
للكمالِ الذي لا غايةَ فوقَه ويَمتنِعُ عليه الحدوثُ لامتناعِ العَدمِ عليه
واستلزامِ الحدوثِ سابقة العدم ولافتقارِ المُحدَثِ إلي مُحدِث، ولوَجَبَ وجودُه
بنفسِه سبحانه وتعالى.
وبهذا القدرِ نكتفي، وقد بيَّنَ فيه الشيخُ تأويلاتِ المخالفين
والكتبَ التي دُوِّنَتْ فيها هذه التأويلاتُ، والكتبَ التي ردَّتْ على هذه
التأويلات، وبيَّنَ منشأَ ضلالةِ المُؤَولين وسندِهم المُظلِم، وأنه ينتهي إلى
اليهودِ الذين وصفوا اللهَ بالنقائصِ والعيوب، وجحدوا كمالَه وعظمتَه؛ وذلك من
أجلِ أن يكونَ المسلمُ على بصيرةٍ من الضلالِ وأهلِه ومعرفةِ مصادرِه.
***
الصفحة 4 / 458