والكرَّاميةِ والسَّالمية
وأتباعِ الأئمةِ الأربعةِ من الحنفيةِ والمالكيةِ والشافعيةِ والحنبليةِ وأهلِ
الحديثِ والصُّوفيةِ فإنَّهم يقولون: إنَّ هذه الأسماءَ حقيقةٌ للخالِقِ سبحانه
وتعالى، وإن كانت تُطلَقُ على خلقِه حقيقةً أيضًا، ويقولون: إنَّ للهِ علمًا
حقيقة، وقدرةً حقيقة، وسمعًا حقيقة، وبصرًا حقيقة، وإنَّما يُنكرُ أنْ تكونَ هذه
الأسماءُ حقيقةً النُّفاة من القرامطةِ الإسماعيليةِ الباطنيةِ ونحوهم من
المُتفلْسِفةِ الذين ينفون عن اللهِ الأسماءَ الحسنى، ويقولون: ليس بحيٍّ ولا
عالمٍ ولا جاهلٍ ولا قادرٍ ولا عاجِزٍ ولا موجودٍ ولا معدوم.
وهؤلاء الذين يُسمِّيهم المسلمون المَلاَحدة؛ لأنَّهم ألْحَدوا
في أسماءِ اللهِ وآياتِه، وقد قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ
فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلۡحِدُونَ فِيٓ أَسۡمَٰٓئِهِۦۚ
سَيُجۡزَوۡنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾[الأعراف: 180]، وقال
تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلۡحِدُونَ فِيٓ ءَايَٰتِنَا لَا يَخۡفَوۡنَ عَلَيۡنَآۗ﴾[فصلت: 40]، وهؤلاء شرٌّ من المشركين الذين أخبَر اللهُ عنهم
بقوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسۡجُدُواْۤ لِلرَّحۡمَٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحۡمَٰنُ
أَنَسۡجُدُ لِمَا تَأۡمُرُنَا وَزَادَهُمۡ نُفُورٗا۩﴾[الفرقان: 60]،
وقال تعالى: {كَذَٰلِكَ أَرۡسَلۡنَٰكَ فِيٓ أُمَّةٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهَآ أُمَمٞ
لِّتَتۡلُوَاْ عَلَيۡهِمُ ٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ وَهُمۡ يَكۡفُرُونَ بِٱلرَّحۡمَٰنِۚ
قُلۡ هُوَ رَبِّي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ
مَتَابِ﴾[الرعد: 30]؛
فإن أولئك المشركين إنما أنكروا اسمَ الرحمنِ فقط، وهم لا ينكرون أسماءَ الله
وصفاتِه، ولهذا كانوا - أي القرامطة - عند المسلمين أَكفرَ من اليهودِ والنصارى.
ولو كانت أسماءُ اللهِ الحسنى وصفاتُه مجازًا يصِحُّ نفيُها عندَ الإطلاق؛ لكان يجوزُ أنَّ الله ليس بحيٍّ ولا عليمٍ ولا قديرٍ ولا سميعٍ ولا بصير، ولا يُحبُّهم ولا يُحبُّونه، ولا اسْتوى على العرش، ونحو