×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 تَنَاقُضِ قولِه المختلفِ الذي يُؤفَكُ عنه من أُفِك، خارجًا عن مُوجبِ العقلِ والسَّمع، مُخالِفًا لِلفِطْرةِ والسمع، انتهى كلامُ الشيخ رحمه الله.

وبه يظهَرُ بُطلانُ قولِ الذين لا يزالون يقولون: إنَّ مذهبَ السَّلفِ أَسْلَم، ومذهبَ الخَلَفِ أعْلمُ وأحْكَم، ذلك أنَّهم يظنون أنَّ مذهبَ السلفِ هو التفويضُ للصِّفاتِ والجهلِ بمعناها، وأنَّ الخَلَفَ علِمُوا المقصودَ منها وأنه خلافُ الظَّاهرِ فصاروا يُؤَولُونها بغرائبِ المَجَازات.

ثم إنَّ قولَهم: إنَّ مذهبَ السَّلفِ أَسْلَم، قولٌ مُتناقض؛ لأنها لا تحصُلُ السلامةُ إلاَّ مع العِلم، فدَلَّ على أنَّ السَّلفَ يعلمون معنى الصفاتِ ويُثبتونه، وأنَّ الخلَفَ جهِلوا المعنى الصحيحَ للصِّفاتِ فصاروا يتخبَّطون في تأويلِه، ثم كيفَ يكونُ الخَلَفُ المتأخرون أعلَمَ من السَّلَفِ المتقدمين بما فيهم الصحابةُ والتابعون والقرونُ المفضَّلةُ التي أثنى عليها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وذَمَّ ما بعدَها؟! هل هذا إلاَّ عينُ الجهلِ بمكانةِ السَّلفِ ومقدارِ علمِهم؟!

ولهؤلاءِ الضُّلاَِّل أشباهٌ من بعضِ مثُقَّفي عصرِنا الذين يجهلون قدرَ العلماءِ ويُجَهِّلُونهم ويقولون: إنهم لا يعرفونَ إلاَّ أحكامَ الحَيضِ والنِّفاس، وقَصْدُهم من ذلك التَّنفيرُ من علماءِ المسلمين، والفصلُ بينَهم وبينَ شبابِ الأُمَّة، حتى يَتسَنَّى لهم تضليلَهم وتطويعَهم لأغراضِهم ومبادئِهم.

 نسألُ اللهَ أنْ يهديَ ضالَّ المسلمين، ويُقمَعُ الأعداءَ الحَاسدين.

***


الشرح