وَلَيِسَت بِالْكِتَابَة
الَّتِي تُكتب، وَيُوقِّع عَلَيْهَا جَمْع كَثِير، وتُوزَّع عَلَى النَّاس، هَذَا
لاَ يَجُوز، بَل تُكتب كتابة سِرِّيَّة فِيهَا نَصِيحَة، تُسَلَّم لِوَلِيِّ
الأَمْر، أَو يُكَلَّم شفويًّا، أَمَّا الْكِتَابَة الَّتِي تُكتب وتُصَوَّر
وتُوَزَّع عَلَى النَّاس؛ فَهَذَا عَمَل لاَ يَجُوز؛ لأَنَّه تَشْهِير، وَهْو
مِثْل الْكَلاَم عَلَى الْمَنَابِر، بَل هُو أَشَدّ، بَل الْكَلاَم يُمْكِن أن
يُنسى، وَلَكِن الْكِتَابَة تَبْقَى وتتداولها الأَْيْدِي؛ فَلَيْس هَذَا مِن
الْحَقِّ.
قَال صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ
النَّصِيحَةُ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ
يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لِلهِ
وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَِئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» ([1]).
وَفِي الْحَدِيث: «إِنَّ اللهَ
يَرْضَى لَكُمْ ثَلاَثًا: أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ
تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ
وَلاَّهُ اللهُ أَمْرَكُمْ» ([2]).
وَأَولَى مَن يَقُوم بِالنَّصِيحَة لِوُلاَة الأُْمُور هُم الْعُلَمَاء، وَأَصْحَاب الرَّأْي وَالْمَشُورَة، وَأَهَلّ الْحِلّ وَالْعَقْد، قَال اللَّه تعالى: ﴿وَإِذَا جَآءَهُمۡ أَمۡرٞ مِّنَ ٱلۡأَمۡنِ أَوِ ٱلۡخَوۡفِ أَذَاعُواْ بِهِۦۖ وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ﴾ [النساء: 83] فَلَيْس كُلُّ أَحَد مِن النَّاس يَصْلُح لِهَذَا الأَمْر، وَلِيس التَّرْوِيج للأخطاء وَالتَّشْهِير بِهَا مِن النَّصِيحَة فِي شَيْء، بَل هُو مِن إشَاعَة الْمُنْكَر وَالْفَاحِشَة فِي الَّذِين آمَنُوا، ولا هُو مِن مَنْهَج السَّلَف الصَّالِح، وَإِنْ كَان قَصْد صَاحِبِهَا حسنًا وطيبًا، وَهْو: إنْكَار الْمُنْكَر - بِزَعْمِه -، لَكِن مَا فِعْلِه أَشَدّ منكرًا مِمَّا أَنْكَرَه.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (55).
الصفحة 2 / 144
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد