﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ
رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ
أَحۡسَنُۚ﴾ [النحل: 125 ]
وَقَوْله تَعَالَى: ﴿قُلۡ
هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ﴾ [يوسف: 108]
وَفِي سِيرَة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الدَّعْوَة بِمَكَّة
وَالْمَدِينَة مَا يُبَيّن مَنَاهِج الدَّعْوَة: ﴿لَّقَدۡ
كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ﴾ [الأحزاب: 21].
س18: مَا هُو الْمَنْهَج الصَّحِيح فِي الْمُنَاصَحَة، وَخَاصَّة
مُنَاصَحَة الْحُكَّام؛ أَهُو بِالتَّشْهِير عَلَى الْمَنَابِر بِأَفْعَالِهِم
الْمُنْكَرَة؟ أَم مناصحتهم فِي السِّرِّ؟ أَرْجُو تَوْضِيح الْمَنْهَج الصَّحِيح
فِي هَذِه الْمَسْأَلَة؟
ج: الْعِصْمَة لَيْسَت لأَِحَد إلاَّ لِرَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم؛
فَالْحُكَّام الْمُسْلِمُون بَشَر يُخْطِئُون، ولا شَكَّ أن عِنْدَهُم أَخْطَاء
وَلَيْسَوا مَعْصُومِين، وَلَكِن لاَ نَتَّخِذ مِن أخطائهم مجالاً للتشهير بِهِم
وَنَزْع الْيَد مِن طَاعَتِهِم، حَتَّى وَإِنْ جَارُوا، وَإِنْ ظَلَمُوا، حتَّى
وَإِنْ عَصَوْا، مَا لمَ يَأْتُوا كفـرًا بواحًا، كَمَا أَمَر بِذَلِك النَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم، وَإِنْ كَان عِنْدَهُم معاصٍ وَعِنْدَهُم جَوْر وَظُلْم؛
فَإِن الصَّبْر عَلَى طَاعَتِهِم جَمْع لِلْكَلِمَة، ووحدةً لِلْمُسْلِمِين،
وَحِمَايَة لِبِلاَد الْمُسْلِمِين، وَفِي مُخَالَفَتِهِم وَمُنَابَذَتِهِم
مَفَاسِد عَظِيمَة؛ أَعْظَم مِن الْمُنْكَر الَّذِي هُم عَلَيْه، يَحْصُل فِي
مُخَالَفَتِهِم مَا هُو أَشَدّ مِن الْمُنْكَر الَّذِي يَصْدُر مِنْهُم، مَا دَام
هَذَا الْمُنْكَر دُوْن الْكُفْر، وَدَوَّن الشِّرْك.
ولا نَقُول: إنَّه يَسْكُت عَلَى مَا يَصْدُر مِن الْحُكَّام مِن أَخْطَاء، لا، بَل تُعالَج، وَلَكِن تُعالَج بِالطَّرِيقَة السَّلِيمَة، بِالْمُنَاصَحَة لَهُم سرًّا، وَالْكِتَابَة لَهُم سرًّا.
الصفحة 1 / 144
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد