وَلَكِن مِن تَضَلَّع
بِعُلُوم التَّوْحِيد وَعُلُوم الْعَقِيدَة وَالْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وأراد أن
يَطَّلِع عَلَيْهَا مِن بَاب مَعْرِفَة نِعْمَة اللَّه سبحانه وتعالى عَلَيْه،
بِأَنْ هَدَاه للعقيدة الصَّحِيحَة، وَحَرَم هَؤُلاَء الَّذِين انشغلوا بِالْقِيل
وَالْقَال وَمَلَئُوا الْكُتُب وَالصُّحُف بِالْكَلاَم الَّذِي لاَ طَائِل
تَحْتَه، وَشَرُّه أَكْثَر مِن خَيْرِه، فَهَذَا لاَ بَأْس بِه عَلَى ألاَّ ينشغل
عَن قِرَاءَة مَا يُفِيد، فَلا يَجُوز لِطَالِب الْعِلْم - وَالْمُبْتَدِئ
بِالْخُصُوص - أن يَشْتَغِل بِهَذِه الْكُتُب، لأَنَّهَا لاَ تُسْمِن ولا تُغْنِي
مِن جُوع، وَإِنَّمَا تَأْخُذ الْوَقْت وَتُشَتِّت الْفِكْر، وَتُضَيِّع الزَّمَان
عَلَى الإِْنْسَان.
فَالْوَاجِب عَلَى الإِْنْسَان أن يَخْتَار الْكُتُب النَّافِعَة،
وَالْكُتُب الْمُفِيدَة، وَالْكُتُب الَّتِي تَعْتَنِي بِكِتَاب اللَّه وَسُنَّة
رَسُولِه صلى الله عليه وسلم، وَتَشْرَح فَهْمَ السَّلَف الصَّالِح لَهَا،
فَالْعِلْم مَا قَالُه اللَّه وما قَالُه رَسُولِه صلى الله عليه وسلم.
قَال ابْن قِيَم الْجَوْزِيَّة رحمه الله:
الْعِلْم قَال اللَّه قَال رَسُولِه **** قَال
الصَّحَابَة هُم أُولُو الْعِرْفَان
مَا الْعِلْم نَصَبِك لِلْخِلاَف سَفَاهَة **** بَيْن
النُّصُوص وَبَيْن رَأْي فُلاَن
س36: مِن الشَّبَاب مَن زَهِدُوا فِي مُتَابَعَة الدُّرُوس الْعِلْمِيَّة
المسجلة وَلُزُوم دروس أَهْل الْعِلْم الموثوقين، وَاعْتَبَرُوهَا غَيْر هَامَّة
أَو قَلِيلَة النَّفْع، واتجهوا إِلَى الْمُحَاضَرَات العصرية الَّتِي تَتَحَدَّث
عَن السِّيَاسَة وَأَوْضَاع الْعَالِم، لاِعْتِقَادِهِم أَنَّهَا أَهَمُّ،
لأَنَّهَا تَعْتَنِي «بِالْوَاقِع» فَمَا نصيحتكم لِمِثْل هَؤُلاَء الشَّبَاب؟
ج: هَذَا كَمَا سَبَق؛ الاِشْتِغَال بالمحاضرات الْعَامَّة والصحافة وبما يَدُور بِالْعَالِم، دُونَ عِلْم بالعقيدة وَدُونَ عِلْم بِأُمُور الشَّرْع تَضْلِيل وَضَيَاع، وَيُصْبِح صَاحِبُهَا مُشَوَّش الْفِكْر؛ لأَنَّه اسْتَبْدَل الَّذِي هُو أَدْنَى بِاَلَّذِي هُو
الصفحة 1 / 144
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد