الأَْوَّل مُفْرِط وَهَذَا مُفَرِّط.
فَأَقْوَال الْعُلَمَاء فِيهَا خَيْر، لاسيما فِقْه السَّلَف، فِقْه
الصَّحَابَة والتابعين، وَالأَْئِمَّة الأَْرْبَعَة، وَالْفُقَهَاء الَّذِين
شَهِدَت لَهُم الأُْمَّة بِالْفِقْه فِي الدّين؛ يُسْتَفَاد مِن أَقْوَالِهِم
وَيُنْتَفَع بِهَا، لَكِن لاَ تُؤْخَذ عَلَى أَنَّهَا قَضِيَّة مُسَلَّمَة، بَل
إِذَا عَرَفْنَا أن الْقَوْل مُخَالِف لِلدَّلِيل فَإِنَّنَا مَأْمُورُون أن
نَأْخُذ الدَّلِيل.
أَمَّا إِذَا كَان هَذَا الْقَوْل لاَ يُخَالِف الدَّلِيل مِن الْكِتَاب
وَالسُّنَّة؛ فَلا بَأْس أن نَأْخُذ بِه ونقبله، وَلِيس هَذَا مِن بَاب
التَّعَصُّب، وَإِنَّمَا مِن بَاب الاِنْتِفَاع بِفِقْه السَّلَف الصَّالِح،
وَالاِسْتِفَادَة مِنْه وَالاِسْتِضَاءَة بِه، فَهُو السَّبِيل إِلَى مَعْرِفَة
مَعَانِي كِتَاب اللَّه وَسُنَّة رَسُولِه صلى الله عليه وسلم.
وَهَذَا هُو الْقَوْل الْحَقّ الْوَسَط: نَأْخُذ مِن أَقْوَال الْعُلَمَاء
وَالْفُقَهَاء مَا وَافِق الدَّلِيل مِن كِتَاب وَسُنَّة، وَنَتْرُك مَا خَالَف
الدَّلِيل، وَنَعْتَذِر لِلْعُلَمَاء فِي خَطَئِهِم وَنَعْرِف قَدْرَهُم ولا
نَتَنَقَّصُهُمْ، قَال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا
حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ
فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ» ([1]).
وَالْخَطَأ مَغْفُور إِذَا كَان مِمَّن تَتَوَفَّر فِيهِم شُرُوط
الاِجْتِهَاد.
أَمَّا الْجَاهِل أَو الْمُبْتَدِئ فِي طَلَب الْعِلْم؛ فَهَذَا لَيْس لَه اجْتِهَاد، ولا يَجُوز لَه أن يَجْتَهِد، وَهْو آثِم بِاجْتِهَادِه أَخْطَأ أَو أَصَاب؛ لأَنَّه فَعَل مَا لَيْس لَه فِعْلُه.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6919)، ومسلم رقم (1716).
الصفحة 2 / 144
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد