وَقَوْل اللَّه تَعَالَى عَن خَلِيلِه إبْرَاهِيم عليه الصلاة والسلام: ﴿وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ لِأَبِيهِ
وَقَوۡمِهِۦٓ إِنَّنِي بَرَآءٞ مِّمَّا تَعۡبُدُونَ ٢٦إِلَّا ٱلَّذِي فَطَرَنِي
فَإِنَّهُۥ سَيَهۡدِينِ ٢٧﴾ [الزخرف: 26- 27].
هَذَا هُو مَعْنَى «لا إلَه إلاَّ
اللَّه»، قَال تَعَالَى: ﴿وَمَا
خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56].
وَقَال صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ
أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ» وَفِي
رِوَايَة: «إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللهَ
تَعَالَى» ([1]).
فبَيَّن صلى الله عليه وسلم أن مَعْنَى لاَ إلَه إلاَّ اللَّه هُو: إفْرَاد
اللَّه تَعَالَى بِالْعِبَادَة كُلْهَا، لاَ بالحاكمية فَقَط.
فَمَعْنَى «لا إلَه إلاَّ اللَّه»
أَي: لاَ مَعْبُود بِحَقّ إلاَّ اللَّه، وَهْو إخْلاَص الْعِبَادَة لِلَّه
وَحَدَّه، وَيَدْخُل فِيهَا تَحْكِيم الشَّرِيعَة، ومعنى «لا إلَه إلاَّ اللَّه» أَعَمُّ مِن ذَلِك وَأَكْثَر، وأَهَمُّ مِن
تَحْكِيم الْكِتَاب فِي أُمُور الْمُنَازَعَات؛ أَهَمُّ مِن ذَلِك هُو إزَالَة
الشِّرْك مِن الأَرْض، وَإِخْلاَص الْعِبَادَة لِلَّه سُبْحَانَه؛ فَهَذَا هُو
التَّفْسِير الصَّحِيح.
أَمَّا تَفْسِيرِهَا بالحاكمية، فَتَفْسِير قَاصِر، لاَ يُعْطِي مَعْنَى «لا إلَه إلاَّ اللَّه».
وَأَمَّا تَفْسِيرِهَا بِأَنْ «لا خَالِق إلاَّ اللَّه» هَذَا تَفْسِير بَاطِل لَيْس قاصرًا فَقَط؛ لأَنَّ «لا إلَه إلاَّ اللَّه» لَم تأتِ لِتَقْرِير أَنَّه «لا خَالِق إلاَّ اللَّه»؛ لأَنّ هَذَا يُقِرّ بِه الْمُشْرِكُون؛ فَلَو كَان مَعْنَاهَا «لا خَالِق إلاَّ اللَّه) لَصَار الْمُشْرِكُون مُوَحِّدِين، قَال اللَّه تَعَالَى: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ﴾ [الزخرف: 87]، مَعْنَى هَذَا: أن أَبَا جَهِل مُوَحِّد وَأَبَا لَهَب.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1335)، ومسلم رقم (22).
الصفحة 2 / 144
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد