وَقَد ذكَّرَهَم اللَّه بِذَلِك فِي قَوْلِه تَعَالَى: ﴿وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ
عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم
بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا﴾ [آل عمران: 103].
وَقَال تعالى لِنَبِيِّه صلى الله عليه وسلم: ﴿لَوۡ
أَنفَقۡتَ مَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مَّآ أَلَّفۡتَ بَيۡنَ قُلُوبِهِمۡ
وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِيزٌ حَكِيمٞ﴾ [الأنفال: 63].
وَاَللَّه سُبْحَانَه لاَ يُؤَلِّف بَيْن قُلُوب الْكَفَرَة والمُرتَدِّينَ
والفِرَق الضَّالَّة أبدًا، إِنَّمَا يُؤْلَف اللَّه بَيْن قُلُوب الْمُؤْمِنِين
المُوَحِّدِين، قَال تَعَالَى فِي الكُفَّارِ والمُنَافِقِين الْمُخَالِفِين
لِمَنهَجِ الإِسلاَمِ وَعَقِيدَتِه: ﴿تَحۡسَبُهُمۡ
جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ﴾ [الحشر: 14].
وَقَال تَعَالَى: ﴿وَلَوۡ شَآءَ
رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخۡتَلِفِينَ ١١٨إِلَّا
مَن رَّحِمَ رَبُّكَۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمۡۗ وَتَمَّتۡ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمۡلَأَنَّ
جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ ١١٩﴾ [هود: 118- 119]، ﴿إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَۚ﴾ [هود: 119] وَهْم
أَهْل الْعَقِيدَة الصَّحِيحَة، وَالْمَنْهَج الصَّحِيح؛ فَهُم الَّذِين
يَسْلَمُون مِن الاِخْتِلاَف.
فَاَلَّذِين يُحَاوِلُون جَمْع النَّاس مَع فَسَاد الْعَقِيدَة وَاخْتِلاَف
الْمَنْهَج يُحَاوِلُون مُحالاً؛ لأَنَّ الْجَمْع بَيْن الضِّدَّيْن مِن
الْمُحَال.
فَلا يؤلّف الْقُلُوب وَيَجْمَع الْكَلِمَة سِوَى كَلِمَة التَّوْحِيد، إِذَا عُرِفَ مَعْنَاهَا، وعُمِلَ بِمُقْتَضَاهَا ظاهرًا وباطنًا، لاَ بِمُجَرَّدِ النُّطْق بِهَا مَع مُخَالَفَة مَا تَدُلُّ عَلَيْه؛ فَإِنَّهَا حِينَئِذ لاَ تَنْفَع.
الصفحة 2 / 144
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد