{وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ
هَوَىٰهُ بِغَيۡرِ هُدٗى مِّنَ ٱللَّهِۚ﴾[القصص: 50]، وكُلُّ مَنْ يُخَالِفُ الرُّسُلَ هُو مُقَلِّدٌ
مُتِّبِعٌ لِمَنْ لاَ يَجُوزُ له اتِّبَاعُهُ، وكَذَلِكَ مَن اتَّبَعَ الرَّسُولَ
بِغيرِ بَصِيرةٍ ولا تَبَيُّنٍ وهُو الذي يُسْلِمُ بِظَاهِرِه مِن غَيرِ أَنْ
يَدْخُلَ الإيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ كالَّذِي يُقَالُ له فِي القَبرِ: مَنْ
رَبُّكَ؟ وَمَا دِينكُ؟ وَمَنْ نَبيُّكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِي
سَمِعتُ الناسَ يَقُولونَ شَيئًا فَقُلْتُه؛ هُو مُقَلِّدٌ، فَيُضْرَبُ
بِمِرْزَبَّةٍ مِن حَديدٍ فَيَصِيحُ صَيحةً يَسْمَعُهَا كُلُّ شَيءٍ إلاَّ
الإِنْسَانَ، ولَو سَمِعَها الإِنْسَانُ لَصِعِقَ؛ أي: لمَاتَ ([1]).
***
الرَّدُّ على مَنْ يُسَوِّي
بَيْنَ
اليَهُودِ والنَّصَارَى والمُسلِمِينَ
يُوَاصِلُ الشيخُ رحمه الله ردَّه على مَن يَقُولُ: إنَّ اليَهُودَ
والنَّصَارَى مُقَلِّدُون، والمسلمين مُقَلِّدُون؛ فلا لَومَ عَلى اليَهُودِ
والنَّصَارى إِذًا، فَيَقُولُ الشيخُ: فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ المُقَلِّدَ
مَذمومٌ، وهُو مَنِ اتَّبَعَ هَوى مَن لا يَجُوزُ اتِّبَاعُه، كالَّذِي يَتْرُكُ
طَاعَةَ رُسُلِ اللهِ ويتبعُ سَاداتَهُ وكُبَراءَهُ، أو اتَّبَع الرَّسُولَ
ظَاهِرًا مِن غَيرِ إيمَانٍ في قلبِه؛ تَبَيَّنَ أنَّ اليَهُودَ والنَّصَارَى
كُلَّهم مُقَلِّدُون تقليدًا مَذْمُومًا، وكَذَلِكَ المُنَافِقُونَ مِن هَذِهِ
الأُمَّةِ، وأمَّا أَهلُ البِدَعِ فَفِيهِم بِرٌّ وفُجُورٌ، وبَيَانُ ذلك مِن
وُجُوهٍ:
أحدُها: أنَّ اليهودَ والنصَارَى الذينَ يَزعُمُون أنَّهُم يَتَّبِعُونَ مُوسَى وعِيسَى عليهما السلام إنما يَتَّبِعُونَهُم لأجلِ أنَّهُم رُسُلُ اللهِ، وما مِن طَريقِ تَثْبُتُ بِهَا نُبُوَّةُ مُوسَى وعِيسَى إلاَّ ومُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى وأَحْرَى، مِثالُ ذَلكَ: إذَا قَالَ اليَهودُ والنَّصَارَى قَد ثَبَتَ بالنَّقلِ المُتَوَاتِرِ أنَّ مُوسَى وعِيسَى مَعَ
الصفحة 1 / 458