×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 نَصْرٍ المُرُوزِيُّ، والشيخُ أبو يَعقوبَ الخَرَّازُ وأبو يَعْقُوبَ النَّهْرَجُورِيُّ والقاضي أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُم، وقَد نَصَّ على ذَلِكَ الأئِمَّةُ الكِبارُ واشْتَدَّ نَكِيرُهُم على مَن يَقُولُ ذلكَ فِي رُوحِ عِيسى ابنِ مَريمَ، لا سيَّما فِي رُوحِ غَيرِهِ كَمَا ذَكَر أَحْمَدُ فِي كِتَابِه فِي الردِّ على الزَّنَادِقَةِ والجَهْمِيَّةِ، فَقَال فِي أوَّلِه: الحمدُ للهِ الذي جَعَلَ فِي كُلِّ زَمَانٍ فَترةً مِن الرُّسلِ بقَايا مِن أَهْلِ العِلمِ، يَدعُونَ مَن ضَلَّ إِلَى الهُدَى، ويَصْبِرُونَ مِنهم عَلَى الأَذَى، يُحيونَ بِكتابِ اللهِ المَوتَى، ويُبَصِّرونَ أهلَ العَمَى، فَكَمْ مِن قتيلٍ لإبليسَ قَد أَحْيَوهُ، وكَم مِن تَائِهٍ ضَالٍّ قد هَدَوْهُ، فما أَحْسَنَ أثَرَهُم على الناسِ، وأقْبَحَ أثرَ الناسِ عليهم، يَنْفُون عَن كِتَابِ اللهِ تَحرِيفَ الغَالِينَ، وانْتِحَالَ المُبْطِلينَ، وتَأْوِيلِ الجَاهِلينَ، الذينَ عَقَدُوا أُلُوهِيَّةَ البِدعَةِ، وأَطلَقُوا عِقَالَ الفِتنةِ، فَهُم مُخْتَلِفُون في الكِتَابِ، مُخَالِفُونَ للكِتَابِ، يَقُولُونَ عَلَى اللهِ وفِي اللهِ وفِي كِتَابِ اللهِ بِغَيرِ عِلمٍ، يَتَكَلَّمُونَ بالمُتَشَابِه مِن الكَلامِ، ويَخْدَعُونَ جُهَّالَ الناسِ بِمَا يُشَبِّهُون عليهم، فَنَعُوذُ باللهِ مِن فِتَنِ المُضَلِّينَ.

وتكلَّم - يعني الإمامَ أحمدَ - عَلَى مَا يُقَالُ إنه مُتَعَارِضٌ مِنَ القُرآنِ، إلى أَنْ قَالَ: وكَذَلِكَ الجَهْمُ وشيِعتُه دَعُوا الناسَ إلى المُتَشَابِهِ مِنَ القُرآنِ والحَدِيثِ وَأَضَلُّوا بَشَرًا كَثِيرًا، فَكَانَ مِمَّا بَلَغَنَا مِن أَمْرِ الجَهْمِ عَدُوِّ اللهِ أنه كانَ مِن أَهلِ خُرَاسَانَ مِن أَهلِ التِّرمِذِ، وكانَ صاحِبَ خُصُومَاتٍ وكَلامٍ، كان أَكْثَرُ كَلامِه فِي اللهِ، فَلَقِيَ أُنَاسًا مِنَ المُشرِكينَ يُقالُ لَهم: السمنيةُ، فعَرفُوا الجَهْمَ فقال له: نُكَلِّمُكَ فإن ظَهَرَتْ حُجَّتُنا عليكَ دَخَلْتَ فِي دِيننَا، وإن ظَهَرتْ حُجَّتُكَ عَلينا دَخَلْنَا فِي دِينكِ.


الشرح