«الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ» ([1])، الحديث؛ هل ذلكَ خَاصٌّ أَو عَامٌّ؟ وفِي البَهَائِمِ
والوُحُوشِ؛ هل يُحْيِيهَا اللهُ يَومَ القِيامَةِ أم لا؟
فأجابَ الشيخُ بِقولِه:
الحَمدُ للهِ، أمَّا قولُه صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ،
فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» ([2])، فالصَّوابُ أنها فطرةُ اللهِ التِي فَطَرَ الناسَ
عَليهَا، وهِي فِطرةُ الإسلاَمِ، وهِيَ الفطرَةُ التي فَطَرَهُم عَليها يَومَ
قالَ: {وَأَشۡهَدَهُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ﴾[الأعراف: 172]
وهي السَّلامَةُ مِنَ الاعْتِقَادَاتِ البَاطِلةِ والقَبُولِ للعَقائِدِ
الصحِيحَةِ، فإنَّ حَقيقةَ الإسلاَمِ: أن يَسْتَسلِمَ للهِ لاَ لِغَيرِهِ، وهُو
مَعنى لا إلهَ إلاَّ اللهَ، وقد ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَثَلَ
ذَلكَ فقالَ: «كَمَا تُنْتَجُ
الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟» ([3])؛ بيَّنَ أنَّ سَلاَمَةَ القَلبِ مِنَ النقصِ كَسَلامَةِ
البَدَنِ وأنَّ العَيبَ حَادِثٌ طَارِئٌ، وفِي صَحيحِ مُسلمٍ عن عِياضِ بنِ
حِمَارٍ قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فيما يَروِي عَنِ اللهِ: «إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِيَ حُنَفَاءَ
فَاجْتَالَهُمُ الشَّيْطَانُ؛ فَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ
وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ بِهِ
سُلْطَانًا» ([4]).
ولِهَذَا ذَهَبَ الإمَامُ أحمدُ رضي الله عنه فِي المَشْهُورِ عنه إِلَى أَنَّ الطِّفلَ مَتَى مَاتَ أَحَدُ أَبَويهِ الكَافِرَينِ حُكِمَ بِإسْلامِهِ؛ لِزَوَالِ المُوجِبِ للتغييرِ عَنْ أَصْلِ الفِطْرَةِ، وقَد رُوِيَ ذلك عنه وعنِ المُبَارَكِ، وعنهُما أنَّهُم قَالُوا:
([1])أخرجه: مسلم رقم (2645).