مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ ١٨﴾[ق: 16- 18]،
وقال تعالى: {وَكُلَّ إِنسَٰنٍ أَلۡزَمۡنَٰهُ طَٰٓئِرَهُۥ فِي عُنُقِهِۦۖ وَنُخۡرِجُ لَهُۥ
يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ كِتَٰبٗا يَلۡقَىٰهُ مَنشُورًا ١٣ٱقۡرَأۡ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ
ٱلۡيَوۡمَ عَلَيۡكَ حَسِيبٗا ١٤﴾[الإسراء: 13- 14] إِلَى أَنْ قَالَ والمَلائِكَةُ
أَصْنَافٌ، مِنهُم مَنْ هُو مُوَكَّلٌ بِالعَبْدِ دَائِمًا: ومِنهُم مَلاَئِكَةٌ
يَتَعَاقَبُونَ بِالليلِ وَالنَّهَارِ ويَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الفَجرِ وصَلاَةِ
العَصْرِ فَيَسْأَلُهُم وهُو أَعْلَمُ بِهِم: كيفَ تَرَكْتُم عِبَادِي؟
فَيَقُولُونَ: أَتينَاهُم وهُم يُصَلُّونَ وتَرَكْنَاهُم وهُم يُصَلُّونَ ([1])، ومِنْهُم مَلائِكَةٌ يَتْبَعُونَ مَجَالِسَ الذِّكرِ،
وأَعْمَالِ العِبَادِ تُجْمَعُ جُملةً وتَفْصِيلاً فَتَرفَعُ أعمالَ الليلِ قَبلَ
أَعْمَالِ النَّهَارِ وأَعْمَالَ النَّهَارِ قَبلَ أَعْمَالِ الليلِ ([2])ُعْرَضُ الأَعْمَالُ عَلَى اللهِ فِي كُلِّ يَومِ
اثْنَينِ وَخَمِيسٍ ([3]) فَهَذَا كُلُّهُ جاءَت بِه الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ،
أما أنه كُلٌّ تُبْدَلُ عليه المَلَكَانِ؛ فهَذَا لَم يَبلغُنا فِيه شَئٌ، واللهُ
أعلَمُ.
وسُئِلَ رحمه الله عن قولِه صلى الله عليه وسلم: «إِذَا هَمَّ الْعَبْدُ بِالْحَسَنَةِ فَلَمْ
يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ» ([4])..، الحديثَ فإذا كانَ الهَمُّ بِحَسَنةٍ شَمَّ المَلَكُ
رَائِحَةً طَيِّبَةً، وإذا هَمَّ بِسَيِّئَةٍ شَمَّ رائِحَةً خَبِيثَةً.
والتحقيقُ: أنَّ اللهَ قَادِرٌ أن يُعلِمَ المَلائِكَةَ بِمَا فِي نَفسِ الْعَبْدِ كَيفَ شَاءَ، كمَا هُو قَادِرٌ أَن يُطْلِعَ بَعْضَ البَشَرِ عَلَى مَا فِي الإنْسَانِ، فَإذا كَانَ بَعضُ البَشَرِ قَد يَجْعَلُ اللهُ له مِنَ الكَشْفِ مَا يَعْلَمُ بِه أَحْيَانًا ما فِي قَلْبِ الإنْسَانِ فَالمَلَكُ المُوَكَّلُ بِالعَبدِ أَولَى بَأنْ يُعَرِّفَهُ اللهُ ذلك.
([1])أخرجه: البخاري رقم (555)، ومسلم رقم (632).