فإن موسى لم تكن دعوته عامة بخلاف محمد صلى الله عليه وسلم فإنه
مبعوث إلى كل أحد؛ فيجب على كل أحد متابعة أمره، وإذا كان من اعتقد سقوط طاعته عنه
كافرًا؛ فكيف من اعتقد أنه أفضل منه أو أنه يصير مثله؟! وأما من اعتقد أن من
الأولياء من يعلم أنه من أهل الجنة كما بُشر غيرُ واحد من الصَّحابَة بالجنة -قد
يعرف بعض الأولياء أنه من أهل الجنة- فهذا لا يكفر، ومع هذا فلا بد من خشية الله
تعالى.
وقال رحمه الله في موضوع عصمة الأنبياء - عليهم الصَّلاة والسلام -: القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء الإسلام وجميع الطوائف، حَقٌّ إنه قول أكثر أهل الكلام - كما ذكر أبو الحسن الآمدي: أن هذا قول أكثر الأشعرية، وهو - أيضًا - قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء، بل لم ينقل عن السلف والأئمة والصَّحابَة والتابعين وتابعيهم إلاَّ ما يوافق هذا القول، وعامة ما ينقل عن جمهور العلماء أنهم غير معصومين عن الصغائر ولا يُقَرون عليها، وأول من نقل عنهم من طوائف الأمة القول بالعصمة مطلقًا وأعظمهم قولاً لذلك الرافضة؛ فإنما يقولون بالعصمة مما يقع على سبيل النسيان والسهو والتأويل، وينقلون ذلك إلى من يعتقدون إمامته، ويقولون بعصمة علي والاثني عشر، ويُكفِّرون من لم يقل بالعصمة من الصغائر، وليس هذا قول أحد من أصحاب أبي حنيفة ولا مالك ولا الشافعي، ولا المتكلمين المنتسبين إلى السُّنة المشهورين، كأصحاب أبي محمد عبد الله بن سعيد بن كُلاَّب وأبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري وأبي عبد الله محمد بن كَرَّام، وغير هؤلاء، ولا أئمة التفسير والحديث ولا التصوف؛ ليس التكفير بهذه المسألة - أي: