القول بعدم عصمة الأنبياء من الصغائر - قول هؤلاء، فالمكفر بمثل
ذلك يُستتاب؛ فإن تاب وإلا عُوقب على ذلك عقوبةٌ تَرْدَعُه وأمثالَه عن مثل هذا،
وكذلك الفِسْق بمثل هذا القول يجب أن يُعزَّر بعد إقامة الحجة عليه؛ فإن هذا تفسيق
لجمهور أئمة الإسلام، وأما التصويب والتخطئة في ذلك فهو من كلام العلماء الحافظين
من علماء المسلمين المنتسبين إلى السُّنة والجماعة.
وسُئل الشيخُ رحمه الله عن رجلين تنازعا في أمر نبي الله عيسى
بن مريم عليه السلام فقال أحدهما: إن عيسى بن مريم توفاه الله ثم رفعه إليه، وقال
الآخر: بل رفعه إليه حيًّا؛ فما الصواب في ذلك؟ وهل رفعه بجسده أو روحه؟ وما
الدليل على هذا؟ وما تفسير قوله تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ
إِلَيَّ﴾[آل عمران: 55]
فأجاب رحمه الله بقوله: الحمد لله، عيسى عليه السلام حي، وقد
ثبت في «الصَّحيِح» عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلاً، فَيَكْسِرَ
الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ» ([1])، وثبت في «الصَّحيِح» عنه: «أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ،
وَأَنَّهُ يَقْتُلُ الدَّجَّالَ» ([2]).
ومن فارقت رُوحُه جسده لم ينزل جسده من السماء، وإذا أُحيي فإنه
يقوم من قبره.
وأما قوله تعالى: {إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَىٰٓ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾[آل عمران: 55]؛ فهذا دليل على أنه لم يَعْنِ بذلك الموت، إذ لو أراد بذلك
([1])أخرجه: البخاري رقم (3448)، ومسلم رقم (155).
الصفحة 3 / 458