متفقون على أن ذلك كذب مُختَلق، وإن كان قد روى في ذلك أبو بكرة
- يعني: الخطيب - في كتابه «السابق واللاحق»، وذكره أبو القاسم السُّهَيلي في «شرح
السير» بإسناد فيه مجاهيل، وذكره أبو عبد الله القرطبي في «التذكرة»، وأمثال هذه
المواضع، فلا نزاع بين أهل المعرفة أنه من أظهر الموضوعات كذبًا - كما نص عليه أهل
العلم - وليس ذلك في الكتب المعتمدة في الحديث، لا في الصَّحيِح ولا في السنن ولا
في المسانيد - ونحو ذلك من الكتب المعروفة - ولا ذكره أهل كتب المغازي والتفسير،
وإن كانوا قد يروون الضعيف مع الصَّحيِح؛ لأن ظهور كذب ذلك لا يخفى على متدين؛ فإن
مثل هذا لو وقع لكان مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله؛ فإنه من أعظم الأمور
خَرْقًا للعادة.
ويرد الشيخ رحمه الله على رواية أن أبوي النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أُحييا له وأسلما ثم ماتا؛ فيقول: ثم هذا خلاف الكتاب والسنة الصَّحيِحة والإجماع، قال الله تعالى: {إِنَّمَا ٱلتَّوۡبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسُّوٓءَ بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٖ فَأُوْلَٰٓئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا ١٧ وَلَيۡسَتِ ٱلتَّوۡبَةُ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّئَِّاتِ حَتَّىٰٓ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ إِنِّي تُبۡتُ ٱلۡـَٰٔنَ وَلَا ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمۡ كُفَّارٌۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا ١٨﴾[النساء: 17- 18] فبين الله تعالى أنه لا توبة لمن مات كافرًا، وقال تعالى: {فَلَمۡ يَكُ يَنفَعُهُمۡ إِيمَٰنُهُمۡ لَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَاۖ سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدۡ خَلَتۡ فِي عِبَادِهِۦۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾[غافر: 85] فأخبر - سبحانه - أن سنته في عباده أنه لا ينفع الإيمان بعد رؤية البأس؛ فكيف بعد الموت؟ وفي «صحيح مسلم» أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم «أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ: فِي النَّارِ،