فَلَمَّا أدبر دَعَاهُ فَقَالَ:
إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ» ([1])، وفي «صحيح مسلم» أيضًا أنه قال: «اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَزُورَ قَبْرَ أُمِّي فَأَذِنَ لِي،
وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، فزوروا القبور،
فإنها تذكر الآْخِرَةَ» ([2])، وفي الحديث الذي في «المسند» وغيره، قال: «إِنَّ أُمِّي مَعَ أُمِّكَ فِي النَّارِ»
([3])، فإن قيل: هذا في عام الفَتْح، والإحياء كان بعد ذلك في
حجة الوداع، ولهذا ذكر ذلك من ذكره، وبهذا اعتذر صاحب «التذكرة»؟ وهذا باطل لوجوه:
الأول: أن الخبر عما
كان ويكون لا يدخله نَسْخٌ، كقوله في أبي لهب: {سَيَصۡلَىٰ نَارٗا ذَاتَ لَهَبٖ﴾[المسد: 3] وقوله في الوليد: {سَأُرۡهِقُهُۥ صَعُودًا﴾[المدثر: 17] وكذلك في: «إِنَّ
أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ» ([4])، و«إِنَّ أُمِّي
وَأُمُّكَ فِي النَّارِ» ([5])، وهذا ليس خبرًا عن نار يخرج منها صاحبُها كأهل الكبائر؛
لأنه لو كان كذلك لجاز الاستغفار لهما، ولو كان قد سبق في علم الله إيمانُهما لم
يَنْهَهُ عن ذلك؛ فإن الأعمال بالخواتيم، ومن مات مؤمنًا فإن الله يغفر له؛ فلا
يكون الاستغفار له ممتنعًا.
الثاني: أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم زار قبر أمه؛ لأنها كانت بطريقه بالحُجُون عند مكة عام الفتح، وأما أبوه فلم يكن هناك ولم يَزُرْه؛ إذ كان مدفونًا بالشام في غير طريقه؛ فكيف يقال: أُحْيِيَا له؟!.
([1])أخرجه: مسلم رقم (203).