البِشَارة على ثلاثة: على أن الولد غلام ذكر، وأنه يبلغ
الحُلُم، وأنه يكون حليمًا، وأي حِلْم أعظم من حِلْمه حين عرض عليه أبوه الذبح؟!
فقال: {سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾[الصافات: 102]،
وقيل: لم يَنْعَت الله الأنبياء بأقل من الحِلْم، وذلك لعِزَّة وجوده، ولقد نَعَتَ
إبراهيمَ به في قوله تعالى: {إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ لَأَوَّٰهٌ
حَلِيمٞ﴾[التوبة: 114] {إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ لَحَلِيمٌ
أَوَّٰهٞ مُّنِيبٞ﴾[هود: 75]؛ لأن الحادثة شهدت بحِلْمِهما {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡيَ قَالَ يَٰبُنَيَّ إِنِّيٓ أَرَىٰ فِي ٱلۡمَنَامِ
أَنِّيٓ أَذۡبَحُكَ فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰۚ قَالَ يَٰٓأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ
سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾[الصافات: 102]
إلى قوله: {وَفَدَيۡنَٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِيمٖ ١٠٧ وَتَرَكۡنَا عَلَيۡهِ فِي ٱلۡأٓخِرِينَ
١٠٨ سَلَٰمٌ عَلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ ١٠٩ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ
١١٠ إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ١١١﴾[الصافات: 107- 111]، {وَبَشَّرۡنَٰهُ بِإِسۡحَٰقَ نَبِيّٗا
مِّنَ ٱلصَّٰلِحِينَ ١١٢وَبَٰرَكۡنَا عَلَيۡهِ وَعَلَىٰٓ إِسۡحَٰقَۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا
مُحۡسِنٞ وَظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ مُبِينٞ ١١٣﴾[الصافات: 112- 113]؛ فهذه القصة تدل على أنه إسماعيل من
وجوه:
أحدهما: أنه بَشَّره
بالذبيح وذكر قصته أولاً، فلما استوفى ذلك قال: {وَبَشَّرۡنَٰهُ بِإِسۡحَٰقَ نَبِيّٗا
مِّنَ ٱلصَّٰلِحِينَ﴾[الصافات: 112] فبين أنهما
بِشَارتان: بِشَارة بالذبيح، وبِشَارة ثانية بإسحاق، وهذا بَيّن.
الثاني: أنه لم يذكر قصة الذبيح في القرآن إلاَّ في هذا الموضع، وفي سائر المواضع يذكر البشارة بإسحاق خاصة، كما في سورة هود من قوله تعالى: {وَٱمۡرَأَتُهُۥ قَآئِمَةٞ فَضَحِكَتۡ فَبَشَّرۡنَٰهَا بِإِسۡحَٰقَ وَمِن وَرَآءِ إِسۡحَٰقَ يَعۡقُوبَ﴾[هود: 71]؛ فلو كان الذبيح إسحاق لكان خُلْفًا للوعد في يعقوب، وقال تعالى: {فَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِيفَةٗۖ قَالُواْ لَا تَخَفۡۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَٰمٍ عَلِيمٖ ٢٨ فَأَقۡبَلَتِ ٱمۡرَأَتُهُۥ فِي صَرَّةٖ فَصَكَّتۡ وَجۡهَهَا وَقَالَتۡ عَجُوزٌ عَقِيمٞ ٢٩﴾[الذاريات: 28- 29]، وقال