الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْتُ فِيهِ، ثُمَّ
الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» ([1])؛ وحينئذ فمن جزم في واحد من هؤلاء بأن له ذنبًا يدخل به
النار قطعًا فهو كاذب مُفْتَرٍ، فإنه لو قال ما لا علم به لكان مُبْطِلاً؛ فكيف
إذا قال ما دلت الدلائل الكثيرة على نقيضه؟! فمن تكلم فيما شجر بينهم - وقد نهى
الله عنه - مِن ذَمِّهم أو التعصب لبعضهم بالباطل مُعْتَدٍ.
وقد ثبت في «الصَّحيِح» عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه
قال: «تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عَلَى حِينِ فِرْقَةٍ
مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ» ([2])، وقد ثبت عنه في «الصَّحيِح» أنه قال عن الحسن: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَسَيُصْلِحُ
اللهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» ([3])، وفي «الصَّحيِحين» عن عمار أنه قال: «تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» ([4])، وقد قال تعالى في القرآن: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ
ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ
فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن
فَآءَتۡ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ
يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ﴾[الحجرات: 9]؛ فثبت بالكتاب والسُّنة وإجماع السَّلَف على
أنهم مؤمنون مسلمون، وأن علي بن أبي طالب والذين معه كانوا أولى بالحق من الطائفة
المقاتلة له، والله أعلم.
وقال رحمه الله: وما ينبغي أن يُعلم أنه وإن كان المختار الإمساك عما شجر بين الصَّحابَة والاستغفار للطائفتين جميعًا وموالاتهم؛ فليس من الواجب اعتقاد أن كل واحد من العسكر لم يكن إلاَّ مجتهدًا متأولاً، بل فيهم المذنب والمسيء وفيهم المقصر في الاجتهاد لنوع من الهوى،
([1])أخرجه: البخاري رقم (2509)، ومسلم رقم (2533).
الصفحة 4 / 458