أبي بكر وعمر - رضي الله
عنهم أجمعين - يكون مُحِقًّا أو مخطئًا؟
فأجاب رحمه الله: الحمد لله، لم يقل أحد من علماء المسلمين
المُعتَبرين أن عليًّا أعلم وأفقه من أبي بكر وعمر بل ولا من أبى بكر وحده، ومدعي
الإجماع على ذلك من أجهل الناس وأكذبهم، بل ذكر غير واحد من العلماء إجماع العلماء
على أن أبا بكر الصديق أعلم من علي؛ منهم الإمام منصور بن عبد الجبار السمعاني
المَرْوَزِيّ أحد أئمة السُّنة من أصحاب الشافعي، ذكر في كتابه «تقويم الأدلة على الإمام»
إجماع علماء السُّنة على أن أبا بكر أعلم من علي، وما علمت أحدًا من الأئمة
المشهورين ينازع في ذلك، كيف وأبو بكر الصديق كان بحضرة النَّبيّ صلى الله عليه
وسلم يفتي ويأمر وينهى ويقضي ويخطب؟! كما كان يفعل ذلك إذا خرج هو وأبو بكر يدعو
الناس إلى الإسلام، ولما هاجرا جميعًا، ويوم حنين، وغير ذلك من المشاهد، والنَّبيّ
صلى الله عليه وسلم ساكت يُقِرُّه على ذلك ويرضى بما يقول، ولم تكن هذه المرتبة
لغيره، وكان النَّبيّ صلى الله عليه وسلم في مشاورته لأهل العلم والفقه والرأي من
أصحابه يقدم في الشورى أبا بكر وعمر؛ فهما اللذان يتقدمان في الكلام والعلم بحضرة
النَّبيّ صلى الله عليه وسلم على سائر أصحابه، مثل قصة مشاورته في أسرى بدر؛ فأول
من تكلم في ذلك أبو بكر وعمر، وكذلك غير ذلك، قد رُوي في الحديث أنه قال لهما: «إِذَا اتَّفَقْتُمَا عَلَى أَمْرٍ لَمْ
أُخَالِفْكُمَا» ([1])، ولهذا كان قولهما حجة في أحد قولي العلماء، وهو إحدى
الروايتين عن أحمد، وهو بخلاف قول عثمان وعلي.
وفي «السنن» عنه أنه قال: «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ
([1])أخرجه: إسحاق بن راهُويَةَ رقم (553) وفيه كذابان.