وَعُمَرَ» ([1])، ولم يجعل هذا لغيرهما، بل ثبت عنه أنه قال: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ
الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا،
وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ؛
فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([2])؛ فأمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين، وهذا يتناول الأئمة
الأربعة، وخص أبا بكر وعمر بالاقتداء بهما، ومرتبة المُقتدَى به في أفعاله وفيما
سَنَّه للمسلمين فوق سُنة المُتَّبَع فيما سَنَّه فقط.
وفي «صحيح مسلم»: أن أصحاب النَّبيّ صلى الله عليه وسلم كانوا
معه في سفر فقال: «إِنْ يُطِعِ الْقَوْمُ
أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا» ([3]).
وقد ثبت عن ابن عباس: أنه كان يُفتي من كتاب الله، فإن لم يجد
فبما سَنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم يجد أفتى بقول أبي بكر وعمر، ولم
يكن يفعل ذلك بعثمان وعلي، وابن عباس حبر الأمة وأعلم الصَّحابَة وأفقههم في
زمانه، وهو يُفتي بقول أبي بكر وعمر مُقدِّمًا لقولهما على قول غيرهما من
الصَّحابَة، وقد ثبت عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ،
وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» ([4]).
وأيضًا فأبو بكر وعمر كان اختصاصهما بالنَّبيّ فوق اختصاص غيرهما، وأبو بكر كان أكثر اختصاصًا؛ فإنه كان يَسْمُر عنده عامة الليل يحدثه في العلم والدين ومصالح المسلمين، كما روى أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عمر قال: كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسمر عند أبي بكر في الأمر من أمور
([1])أخرجه: الترمذي رقم (3662)، وابن ماجه رقم (97)، وأحمد رقم (23245).