×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 ومع هذا فقد كانوا تعلموا القرآنَ والسنةَ قبل أن يتولى عثمانُ، فضلاً عن خلافةِ علي، وكان أفقهَ أهلِ المدينةِ وأعلمَهم تعلموا الدينَ في خلافةِ عمر، وقبل ذلك لم يتعلم أحد منهم من علي شيئًا إلاَّ من تعلم منه لما كان باليمن كما تعلموا حينئذ من معاذ بن جبل، وكان مقامُ معاذٍ بن جبل في أهلِ اليمن وتعليمه لهم أكثر من مقامِ علي وتعليمِه ولهذا روى أهلُ اليمنِ عن معاذ أكثر مما رووه عن علي.

وشريح وغيرُه من أكابرِ التابعين إنما تفقهوا على معاذ، ولما قدِمَ علي الكوفةَ كان شريح قاضيًا فيها قبل ذلك، وعلي ولَّى على القضاءِ في خلافتِه شُريحًا وعبيدة السلماني وكلاهما تفقَّه على غيرِه.

فإذا كان علمُ الإسلامِ انتشر في مدائنِ الإسلام بالحجازِ والشامِ واليمن والعراق وخراسان ومصرَ والمغربِ قبلَ أن يقدُم إلى الكوفة، ولما صار إلى الكوفةِ عامة ما بلَّغَه أقل من بلَّغَه غيرُه من الصَّحابَة ولم يختص عليٌّ بتبليغِ شيءٍ من العلم إلاَّ وقد اختصَّ غيرُه بما هو أكثر منه.

فالتبليغُ الحاصلُ بالولايةِ حصل لأبي بكر وعمر وعثمان منه أكثر مما حصَل لعلي، وأما الخاص فابنُ عباس أكثرُ فُتيا منه، وأبو هريرة أكثرُ روايةً منه، وعليٌّ أعلمُ منهما، كما أن أبا بكر وعمر وعثمان أعلم منهما، أيضًا، فإن الخلفاءَ الراشدين قاموا من تبليغِ العلمِ العام بما كان الناسُ أحوجَ إليه مما يبلِّغُه من بلَّغ بعضَ العلمِ الخاص.

وأما ما يرويه أهلُ الكذِبِ والجهلِ من اختصاصِ عليِّ بعلمٍ انفرد به عن الصَّحابَة فكلُّه باطل، وقد ثبتَ عنه في الصَّحيِح «أنه قيل له: هل عندَكم من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم شيء؟ فقال: لا والذي فلَقَ الحبةَ وبرأَ النسمةَ إلاَّ فهمًا يؤتيه اللهُ عبدًا من كتابِه وما في هذه الصحيفة، وكان فيها


الشرح